صفاء سفيان
عدن بين الانتصار والسراب

دقة ساعة الصفر في 27 رمضان من العام 2015م، لتعلن تحرير مدينة عدن وانتصار أبناءها الأبطال وبمساندة قوات التحالف العربي على مليشيات التمرد والإنقلاب، فتطلع أبناء عدن بأن تصبح عدن نهجا حقيقيا لبناء الدولة المدنية الحديثة يسودها العدل والنظام والقانون بالقيم والأخلاق الإنسانية.

ولكن سرعان ما خابت تلك التطلعات مع ظهور مليشيات أخرى خارجة عن القانون، فجعلت من عدن ومنذ ثلاث سنوات تعيش في فوضى وعبث مليشاوي بعيده عن مظلة الشرعية، مما سهل في ذلك إلى انتشار العديدمن الجرائم والمداهمات والإعتقالات التعسفية بل وصلت إلى حد الإغتيالات لأبناء عدن، فكل من كان يقول حيا على الجهاد من منابر مساجد عدن وكان له دور في الإغاثة الإنسانية أيام الحرب وشارك في مجابهة المليشيات الإنقلابية أصبح مستهدفاً للإعتقال ًوالأسر والإختطاف من قبل جهات أمنية تدعي أنها تابعة للدولة وتنخرط ضمن أطرها المؤسسية، بل وأن هناك كذلك من تم تصفيتهم واغتيالهم على أيدي مسلحين وصفوا بالمجهولين ولم يتم كشف هوياتهم ومن أدعوا أنهم قد قبضوا عليهم لم يتم محاكمتهم أو معاقبتهم على جرائمهم وانتهاكاتهم وتوجد أقاويل أقرب إلى الصواب بأنه قد تم تهريبهم من وجه العدالة، (وإن لم يكن ذلك فأين هم الآن؟).

فكلما تقدم شرفاء عدن يوماً للأمام اعترضه مطب اسمه الخيانة ليوزعوا صكوك الوطنية حسب أمزجتهم وأهواءهم.

فتعددت الجرائم في عدن بين قتل واختطاف واغتصاب فلم يعد هناك خوفاً أو رادعاً يجعل من تسول له نفسه أن يمارس الجرائم والتعدي على الآخرين أن يحسب ألف حساب أن الجهات المختصة في العاصمة عدن ستنزل عليه أشد وأنكى صنوف العذاب والتنكيل للخارجين على القانون ويكون عبرة لأمثاله من العابثين والمجرمين.

تعدد الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها وتبعيتها إلى جهات مختلفة جعل ما تم ذكره آنفا مرتعا خصبا لتلك الممارسات الرذيلة التي لا تمت لعدن بصلة ولم تعرف مثل تلك التهكمات لا قديماً ولا حديثاً، فقط خلال الثلاث السنوات التي تلت وعدن وأبناءها يشهدون ما لم تشهده عدن منذ وجودها على البسيطة. 

فشهداء 2015 ضحوا بأروحهم لأجل بقاء المدنية راسخة في مدينتهم الرائدة على الدوام، بل وما يزال العديد من جرحى الحرب يعانون ويستغيثون من جراحهم لعلهم يجدوا من يشافى تلك الجراح.

فيجب من الدولة الشرعية بسط نفوذها في المحافظات المحررة عامة والعاصمة عدن خاصة، ويتم دمج الأجهزة الأمنية والعسكرية لأجل حماية وحفاظ على ماتبقى من هذه المدينة المسالمة وليس لنا خلاص ولا استقرار ولا أمن لا اقتصاد أو تنمية حقيقية إلا بوجود دولة ترعي تلك المهام والضرب بيد من حديد لكل من لا ينصاع لصوت الدولة والنظام والقانون.

اليوم قبل الغد على الدولة  وقواتها الوطنية أن يسارعوا في تثبيت الأمن وحسم الموقف وبوتيرة عالية، فلا يمكن أن يستقيم الحال أو يصحح الوضع إلا بذلك، وبعيد ذلك فلن نحصد إلا السراب، ولن نتجرع إلا الندم.

#عدن_ذكرى_النصر3

مقالات أخرى

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي

وإن تأخرت فقد أتت في وقتها ولا تراجع عنها أو التوقف عندها

صالح شائف

نضالنا المستحق .. ونضالهم المدفوع .

فضل مبارك

أيهما اولى بالدعم المركز ام المدرسة!

عادل حمران