احمد عبدربه علوي
قراءة الصحف

الصحيفة اليومية أو الأسبوعية هي مرآة الوطن والمجتمع بآماله وقضاياه وهمومه ، وكما هي زاد متجدد للثقافة اليومية، فهي مصدر للمعلومية والترفيه.. لهذا تخيلوا حياتنا بدون صحف ، بدون شك سيكون أمرا مزعجا ، فقد ارتبط فنجان قهوة الصباح بعلاقة حميمة وتنافسية مع الصحيفة، وأصبح هذا التلازم عادة يحمل الكثير من المتعة.

 إن الصحافة أصبحت صناعة تتجاوز السياسة والاقتصاد لتقترب من العوامل الضرورية والأساسية لخلق الوعي الجماعي بقضايا الوطن وأداة مهمة للتنمية ولخلق تآلف وتحالف حول القضايا العامة ولهذا ترتبط درجة الوعي الاجتماعي والسياسي والحضاري لأي مجتمع ارتباطا وثيقا ومطردا بعدد الصحف اليومية التي تصدر وبحجم توزيعها ، وهناك صحف يمنية تصدر يوميا وهناك بعد 3 أيام وأسبوعيا بكل نجاح وتوزيع واسع منقطع النظير وهذا يعود للقائمين عليها الذين يبذلون في إصدارها يوميا .

إن نظرة متفحصة لحجم توزيع صحفنا بالنسبة لعدد السكان لا يزال يدعو للأسف والقلق فباستثناء صنعاء بشكل رئيسي وقلة قليلة لمراكز المحافظات وليس جميعها فإن حجم توزيع الصحف اليمنية لا يزال دون الحد المطلوب، والأكيد أن ثمن الصحيفة ليس هو السبب بقدر ما يتعلق الأمر بعدم اعتياد شريحة كبيرة من الناس على شراء الصحف بينما بدون تفكير يدفع الشخص أكثر من 200 – 300 – 500 ريال مقابل علبة السجائر مع قراعة لتوليعها.

تخيلوا إنسانا متعلما لا يقرأ صحيفة مرة واحدة في عدة أشهر، وفقط إذا توفرت له بالصدفة أو أخرى لم يشترِ صحيفة في حياته، أكثر من ذلك هناك قرية كبيرة وهي عاصمة مديرية عدد سكانها يتجاوز عشرات الآلاف نسمة لا تباع فيها أي صحيفة! ، وعندما يسأل عن السبب يقولوا لك بأن لا أحد يشتري الصحف هنا ولا تأتي ، وإذا حضر بياع صحف فإنه في أحسن الأحوال عندما تعرض للبيع لا يتجاوز عدد النسخ المباعة عشر نسخ منها فقط.. ومثل هذه القرية الكبيرة الكثير والكثير..

 فكم هو رقم مؤسف لمجتمع لا يكاد يخلو فيه بيت من فرد متعلم أو ربما يكون جامعيا، أمر آخر هناك عداوة بين قراءة الصحيفة وبين طلبة الجامعات وهو أمر خطير، فهؤلاء هم قادة المستقبل ودرجة وعيهم في قضايا وهموم الوطن هي من الأهمية بمكان للمساهمة بتنمية معارفهم ، ولهذا نرى درجة كبيرة من عدم الوعي عند طلبتنا، وأحيانا درجة كبيرة من السذاجة المزعجة فيما يتعلق بقضايا الوطن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، نحن نتحدث كثيرا في المجال السياسي وعن أغلبية صامتة، وأضيف أننا نتحدث عن أغلبية غير مضطلعة بهموم وقضايا الوطن، وبالتالي فإن هؤلاء لن يكونوا عونا للدولة ومؤسسات المجتمع المدني في إحداث تغيير ديمقراطي ومؤسساتي بحجم الحلم الذي نأمل في الوصول إليه ..

هذه دعوة إلى أن تبادر مؤسساتنا الصحفية في البحث عن حلول لهذه القضية الهامة ليس بهدف زيادة توزيع عدد نسخها بل بهدف المساهمة في خلق مجتمع واعٍ ومتابعٍ لقضايا الوطن ليكون عونًا وداعمًا لجهود التنمية على الأصعدة المختلفة كأن يتم اختيار قرى ومناطق نائية ومراكز اجتماعية وأندية في مختلف محافظات الجمهورية والقيام بتوزيع الصحف فيها مجانًا لفترة معينة حتى يعتاد الناس على قراءاتها بدلًا من رميها أو بيعها لصاحب البقالة ليضع بداخلها زعقاء ولوز ولب للبيع.

قراءة الصحيفة لم تعد ترفًا بل هي وسيلة ضرورية لإحداث التنمية الحقيقية وللقضاء على الأمية تجاه قضايا الوطن وإحداث نقلة في الاعتياد على قراءة الصحيفة اليومية ، حيث وأن على الناس مسؤولية جماعية كلٌ من موقعه.. والله يكون في عون الجميع للخير والصلاح..

مقالات أخرى

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي

وإن تأخرت فقد أتت في وقتها ولا تراجع عنها أو التوقف عندها

صالح شائف

نضالنا المستحق .. ونضالهم المدفوع .

فضل مبارك

أيهما اولى بالدعم المركز ام المدرسة!

عادل حمران