أكثر ما لفت انتباهي في تصريح معياد قوله بأن قبوله لمنصب محافظ البنك المركزي كان بعد اتفاق مع رئيس الجمهورية لتولي المنصب لستة أشهر فقط، وبرر ذلك بأن قبوله بالمنصب كان من أجل تجنب الانهيار الاقتصادي.!
ضعوا تحت عبارة "ستة أشهر" ستين خط، وبعدها ستين علامة استفهام أو تعجب.
أيمكن حقاً أن ينقذ اقتصاد البلد شبه المنهار الانهيار في غضون ستة أشهر فقط؟!
مع العلم بأن أية معالجات اقتصادية حقيقية لانقاذ الاقتصاد المتدهور أو المنهار وتصحيح مساره يتطلب عملا وجهودا ستحتاج الى أضعاف هذه المدة، خصوصا في ظل ظروف عصيبة ومعقدة كالتي يمر بها اليمن.. هذا إذا كانت لديه فعلا معالجات اقتصادية حقيقية لانقاذ اقتصاد البلد من الانهيار.
إذاً ما هو السر من اختيار فترة الستة الأشهر تحديدا؟
شخصيا لم أجد لشرط المدة الزمنية هذه الا مبررا واحدا فقط..
وقبل التوضيح أود التأكيد بأن معظم المعالجات المهمة التي أعلن عنها المحافظ حتى الان قد انتهى العمل بها بمجرد التوقيع عليها ونشرها في وسائل الإعلام، وكأنها ما اتخذت الا من أجل الاستهلاك الإعلامي فقط، أو هكذا قُدّ لها أن تكون...
وللتأكيد على كلامنا هذا نورد بعضا من الأمثلة على فشل البنك المركزي من خلال بعض القرارات أو الاجراءات التي اتخذها منذ تعيين معياد محافظا له:
- فشل الربط الشبكي لمركزي مأرب ببنك عدن.. فمركزي مأرب لم يورد حتى اليوم فلسا واحدا الى عدن، وكذلك مركزي المهرة.
- عدم الاستفادة الحقيقية من المبالغ المسحوبة من الوديعة السعودية لتغطية الواردات من السلع الأساسية والسلع غير الكمالية، والتي تولى البنك المركزي تغطيتها عند أسعار منخفضة للدولار مقارنة بالأسعار السائدة في السوق، إذ لم يلمس المواطن أدنى تأثير لها في أسعار تلك السلع، والتي ما تزال أسعارها مرتفعة، بل ومرتبطة بشكل مطرد بأسعار الصرف السائدة في السوق، حيث تزيد أسعار تلك السلع عند حدوث زيادة بسيطة في أسعار الصرف السائدة، وكأنّ الكميات من النقد الأجنبي التي قام البنك بتوفيرها لتغطية الطلب على الواردات من السلع الأساسية قد ذهبت الى غير محلها.!
هذه بعض الأمثلة على فشل البنك المركزي في الخطوات والقرارات التي اتخذها، والأمثلة كثيرة ولا يتسع المقام هنا لاستعراضها...
عموما، أعود الى موضوعنا الأساس المتعلق باشتراط معياد لفترة ستة أشهر فقط لتولي منصب محافظ البنك المركزي.. وكما أسلفت القول أنني شخصيا لا أجد لذلك الا مبررا واحدا وهو ربط فترة توليه للمنصب بالفترة المتوقعة لنفاد الوديعة السعودية، فالوديعة السعودية أوشكت اليوم على النفاد وسيقف البنك المركزي من الغد القريب عاجزا عن تغطية الطلب على الواردات من السلع الأساسية وغير الأساسية، وحينها سيصبح الانهيار أمرا حتميا ما لم تتدخل الدول الشقيقة لانقاذه.
وبالمناسبة، الوديعة السعودية كانت حلا طارئا حينها، ولم تكن علاجا نهايئا للوضع الاقتصادي المتدهور، وهذا ما سبق وتحدث به الجميع عند الإعلان عنها، فخلال العامين الماضيين كان يجدر بالحكومة أن تستفيد من إعادة تفعيل صادراتها السلعية وخصوصا صادرات النفط والغاز والتي يبدو أن مردودها ما زال يذهب الى غير أماكنه الصحيحة ..
مقالات أخرى