اثناء دراستي في جامعة كارل ماركس حاليا لايبزج ألمانيا عام ???? كنت في برلين بالصدفة في وداع زميل لي الى عدن ولما هممت العودة الى لايبزج أتصلت بالسفارة واذ يبلغني احد عاملي الاستقبال بان سالمين قرر منحنا تذاكر عودة الى عدن. اخذت الميترو على عجالة وتأكدت وبالفعل بعد اسبوعين وصلت لي التذكرة مع آخرين عبر القاهرة.
شديت الرحال وفي مطار القاهرة كانت المفاجأة بعدم السماح لنا دخول القاهرة ممايعني بقاءنا أسبوع حتى نسافر الى عدن.
بقينا يومين في المطار لكن الجميل ان استخبارات المطار تعاملت معنا معاملة حسنة جدا. السبب الوضع السياسي المتوتر حينه بين اليمن الديمقراطي ومصر.
نزلت الى فندق متواضع جدا وسط البلد في شارع فؤاد. غادرته الى أهلي في شارع عبدالعزيز آل سعود المنيل وبقيت هناك بقية المدة.
عبر الكويت وصلت عدن. كان الجو ساخن جدا في أغسطس لم يبق لي في مطار عدن غير الرحيل الى القرية حيث مسقط الراس أين أمي وابي.
فرزة طورالباحة دار سعد كانت في انتظاري. للصدفة حظ في حياتي ان التقي واحد من اعز الناس في حياتي جاري وصديقي الغالي عبدالعزيز سعيد ناشر شكري رحمة الله عليه.
كل السيارات غادرت الى القرية ماعدا الغالي عبد العزيز.
كان سائقا لدى النقل البري بعد ان تآمر البعض عليه في اعفاءه من عمله حيث كان يعمل قائدا للقوات الشعبية م. لحج.
لم يتردد العزيز عبدالعزيز بعد لقائي به ويأتي بالمفاجأة. اطلع يارجل وبايقع خير.
طول الطريق وحديث طويل بالماضي والحاضر لأن تطأ قدمي سوق طورالباحة في تمام الساعة الثانية عشر منتصف الليل.
غادرت السوق والظلام دامس لم تقدر على مشاهدة كفك. مشيت الى شرق المدينة معتمدا على ذاكرة الطفولة كنيفيجيتر مرشد لي في استخدام الطريق ووفقت فعلا لكن عند حافة القرية كانت الصدمة.
كلاب القرية كثيرة تهاجمني من كل ناحية ونباح قوي حد الصداع وفي خوف ورعب حد الأستسلام في بعض الاحيان رغم مقاومتي العنيفة ورمي الحجار حيث كنت اقبض على الأرض كالجمر واصد الكلاب لكنها فرجة الخالق ونعم الوكيل حيث وجدت بجانبي كلب واحد يقاوم ويقف امامي ويصد بقية الكلاب ويفتح الطريق لي. كان يبتعد عني في صد الكلاب ويقترب مني في مشهد تراجيدي عظيم وكأنه فيلم اكشن.
تارة يقفز امامي كتحية واخرى يثبت رجولته امامي انه الاوحد صديقي حتى وصلت بيتنا لأعتلي عرشة بقرة امي واخلد الى النوم.
قبل صلاة الفجر تصحى امي. وكنت من تعب الرحلة وفوضى معركة الكلاب لم اشعر بشئ.
شعرت بيد امي تحسني بعطف غرائزي رهيب قل ما اشعر به بعد تلك اللحظة وهي تناديني علي.
مش معقول!!!
فقت من حلم مصارعة الكلاب والسفر وخبت الرجاع وحكاياتي مع عبدالعزيز لاجد نفسي بين احضان امي اغلى انسان في هذا الكون.
امي حلبت البقرة وتغلي الحليب ومع عناق أبي رحمة الله عليه استكملت حلقات الفرحة لتنتفض القرية والكل امامي فجرا من كل حدب وصوب يتجمعون لزيارتي وكلبي الوفئ يحوم حولي.
اخذت بعض الحليب ليشربه كلبي وقت الفطور كان امامي.
اعطيه مالذ وطاب من ما اعدته امي.
عشت اسبوعين فقط وفي آخر يوم يودعني كلبي مع اهلي الى سوق السبت وكان الوداع الأخير.
بكت امي وذرفت عيون ابي واخوتي وكلبي كان جاثما حتى مغادرتي.
بقيت في عدن حتى اول سبتمبر ???? وعرفت سبب إعادتنا انه عمل ضمانة بعودتنا بعد التخرج وفقا لقانون صيانة الوطن.
لم اجد تاشيرة المغادرة غير ضمانة اخي الاكبر سيف اطال الله في عمرة والمؤلم عند بوابة الهجرة والجوازات بجانب مسجد ابان حينه انكسرت يدي اليسرى بسبب اغلاق الباب الرئيس عليها عند همومي في الطابور دخول المبنى لاستلام تاشيرة المغادرة. عشت في قلق وخوف رهيب ان يتم منعي من السفر بحكم اني لست عضوا في التنظيم السياسي الجبهة القومية لأتهام اللوبي الحجري في التنظيم لي اني ثورة مضادة، تارة من جماعة فيصل عبداللطيف واخرى مع رابطة الجنوب العربي.
بعد فرحتي باستلام التاشيرة صدمت بخبر مزعج جدا ان كلبي بعد مغادرتي لم يأكل ولايشرب ويعوي ليلا نهارا وبعدها توفى لبقاءه معزولا عن الكل.
تاثرت كثيرا لهذا الوفاء وتحمدت الله عزاء ان اغادر حتى اكمل دراستي.
الوفاء غريزة إنسانية.
لوفاء كلبي وقع خاص يبقى يلازمني طول حياتي بل وافضل من بعض مايدعون انهم بشر.
مقالات أخرى