يوم الثامن من شهر مارس في كل عام يحتفل العالم تحت مسمى اليوم العالمي لحقوق المرأة، أو تحرير المرأة تارة أخرى، أو غيرها من الأسماء الغير واضحة، لذلك يتبين لنا أن المرأة في المجتمع الغربي مهظومة الحقوق ولذا جعلوا لها يوما تطالب بحقوقها فيه، أما في المجتمع الإسلامي فإن للمرأة مكانةً عظيمة، وذلك عندما تَتْبع في نهجها وتربيتها كتاب الله، وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فمن تمسَّك بكتاب الله وسنة رسوله كان محميّاً من الوقوع في كلّ ضلالٍ، ولا يقع في الضّلال من الأمم إلّا من كان مُعرِضاً عن نهج الله تعالى، وما بعث به أنبيائه ورسله.
معظم الثقافات الغربية تمتهن المرأة وترى فيها منبعاً للشرور والآثام، ولا ترى فيها إلا ظرفاً مكانياً للمتعة، بل كان الجدل يدور خلال القرون الوسطى في الأديرة والكنائس حول بشرية المرأة وحول كونها مخلوق من ذوات الأرواح أم لا؟!
فإن ما يحدث الآن في الحضارة الغربية المعاصرة ولكن تحت شعارات مغايرة، فالرجل الذي كان في جميع أطواره التاريخية يلتزم قانونياً بإعالة المرأة وكفالتها أصبح في زمن ومنطق الحضارة الغربية غير مسؤول عن إعالة حتى زوجته والتي وجدت نفسها ملزمة بمقاسمته المسؤولية تجاه المتطلبات المالية والمادية في الحياة الأسرية، ولقد وصل الحد إلى أن الأزواج الغربيون يقفون عند دفع الفواتير الشهرية ينتظرون أن تسدد المرأة نصف الفاتورة التي ملزمة بدفعها بدون أدنى رحمة. والأدهى من ذلك أن الرجل غير ملزم بالإنفاق حتى على ابنته بعد بلوغها الثمانية عشر عاماً، إذ تكون عند ذلك السن مسؤولة عن نفقتها الخاصة كما هو معروف ومشاهد، ولا يخفى بالطبع أن الفتاة في هذا السن – في الغالب – تكون في مقتبل شبابها، مما يجعلها لقمة سائغة لسماسرة الإنحراف والسقوط، وفريسة ممتهنة في سوق الرقيق الأبيض، وبالتالي فإنها تسعى بكل جهدها للانخراط في قفص الزوجية، ولكن هذا المطلب يكون غير متيسر في كثير من الأحوال؛ وذلك لأن الرجل الغربي لديه الكثير من الخيارات، فهو بالتالي "سيد الموقف" ولذلك فهو يتطلع إلى مواصفات جمالية واقتصادية مرتفعة،بل إن مصاريف الإحتفال بالزواج فلا يطالب بها الرجل وحده، بل في كثير من الأحيان تضطلع المرأة بالإنفاق على مصاريف حفل زواجها، إما منفردة أو مشاركة مع الرجل. والأغرب أن هذه المرأة الكادحة في العالم الغربي بعد زواجها لا تمتلك اسمها الخاص بها، بل هي تُنسب إلى زوجها.
ومن أجدر الحقائق ذات يوم كانت امرأة في سن الخمسين تذرف الدموع تشتكي الوحدة والجفاء، لقد مضى عمرها راقصة بالية تعتني بالحيوانات ولم تفلح في أي علاقة مع رجل، كل الرجال كانوا يستغلونها كمحطة لا يتعدى وقتها أشهر معدودة ثم يتخلون عنها حتى تقدم بها السنّ وتفرقوا عنها ، ولقد قالت بلسانها: ليتني تزوجت مسلما! لأن صديقةٌ لي تزوجت مسلماً هي الآن معه في سعادة واطمئنان لا تشكو منّاً ولا أذىً رغم كبر سنها! فماذا جنت من تلك الحرية؟!
أما من ناحية الإرث فقد التفتت كثير من المجتمعات الغربية على توريث المرأة بحيلة ماكرة، وذلك أنه في كثير من تلك المجتمعات تؤول التَركة إلى الابن الأكبر الذكر ومن ضمن تلك التَركة المرأة زوجة الميت.
وفي استفتاء قامت به الصحف الأمريكية اتضح أن 90 % من الشابات لا يمانعن لو تسنت لهن الفرصة في العمل في الأفلام والمجلات الإباحية، وقد علل أخصائيون نفسيون ذلك بأن الشابات بهذا الاختيار يردن إنقاذ أنوثتهن من براثن العمل "الرجولي" خارج المنزل، والذي يسلبهن أنوثتهن شيئاً فشيئاً، أما إذا أردن أن يعملن في شركات أو أعمال خاصة فيوقعن على عقود تحرمهن أغلب الحريات، كمنعهن من الحمل والأمومة وإلا يلغى عقد العمل ويخضعن للابتزاز، كل هذا خشية أن يتغير جسدها الذي أجّرته لهم ويفسد عليهم عروض الجاهلية! إنه نوع من أبشع أنواع الاستعباد في العصر الحديث ولكن بلباس الحرية الكاذبة الخادعة، ومن المتعجب به أن أهالي المجتمعات الغربية لا يجيبون على أسئلة صعبة، كسبب تصاعد نسب الأمراض الجنسية في مجتمعات الغرب وكانتشار الأيدز بمعدلات مخيفة وكفساد المجتمع وتفكك الأسر بسبب الزنا وزيادة نسب الأطفال بلا آباء فضلا عن ارتفاع نسبة الإنتحار عند النساء وتناول المخدرات والإسراف في شرب الخمر!.
أما الإسلام فقد صان كرامة المرأة وهيبتها في نفوس من حولها، فحرّم عليها الابتذال والسّماح للأجنبي أن يستمتع بجسدها، وقد شرّع لذلك المُباعدة بين الرجال والنساء في كلّ شيء..، وجعل الله عز وجل حسن معاملة الأم سبباً رئيسياً لدخول الجنة بل وجعل طاعة الوالدين بعد طاعة الله عز وجل، وذلك دليلا على أهمية المرأة في الإسلام، و من ذلك أيضا أن الإسلام جعل لها إسم مستقل فهي تنسب لأبيها، وليست متاعاً تنتقل ملكيته، ولها كذلك حق الإرث من أبيها، فاللأنثى نصف ما للذكر، وذلك لحكمة جليلة توحي بأن نفقة المرأة كاملة يتكفل بها الرجل بينما المرأة ليست ملزمة بأية نفقة ولذا جعل الإسلام نصيب الذكر ضعف نصيب المرأة، كما شرع الإسلام حريّة الكسب الحلال للمرأة سواءً أكانت تجارةً أم غير ذلك من طرق كسب الأموال وذلك وفق ضوابط وشروط، وضَمِن أيضا الإسلام للمرأة حريّة التصرّف في مالها الخاصّ، وحرّم على أيّ أحد سواء كان زوجها أو والدها في أخذ شي من مالها دون رضاها.
ليس إلى هنا فحسب بل جعل الإسلام من يُقْتل في سبيل الدفاع عن عِرضه شهيداً؛ تكريماً للمرأة ورفعاً لمكانتها.
نسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين في أنحاء العالم من تلك القضايا الزائفة والتي في ظاهرها حرية وفي باطنها عبودية، اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه.
مقالات أخرى