رأى الصحافي التركي المخضرم بوراك بكديل أن زعيم المافيا سيدات بيكر كشف الوجه الكليبتوقراطي (حكم اللصوص) للإسلاموية التركية أمام الشعب التركي وأمام العالم.
كتب بكديل في "مركز بيغين-السادات للدراسات الاستراتيجية" كيف أدت فيديوهات الزعيم المافيوي الأبرز في تركيا إلى جعل أسرار أنقرة المفتوحة أساساً أكثر وضوحاً: الرشوة، القتل، الاغتيال السياسي، الفساد، الاغتصاب، تهريب المخدرات، شحن الأسلحة إلى الجهاديين في سوريا، إضافة إلى التعذيب والعنف لإسكات المعارضين الأتراك.
ذكر بكديل أن بيكر داعم قوي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو يدعوه بـ"الأخ الطيب". بدأ بيكر يفشي أسراره في أوائل مايو (أيار) الماضي حين أطلق نزاعاً شخصياً مع وزير الداخلية التركي سليمان صويلو. منذ ذلك الحين، قام الزعيم المافيوي بتحميل 10 فيديوهات على منصة يوتيوب، وقد تمت مشاهدة مجموعها أكثر من 100 مليون مرة في آخر إحصاء.
ما كشفه بيكر هو مظلم ومخيف جداً حتى بالنسبة إلى دولة ليست غريبة عن مفهوم "الدولة العميقة". يشبه بيكر الزعيم الأعلى لمافيا كازا نوسترا في صقلية، سلفاتوي "توتو" رينا. تم اعتقال رينا في باليرمو سنة 1993، وقد بدأ منذ ذلك الوقت بنشر مذكراته.
فضائح بالجملة
يزعم بيكر أن نجل رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم، إركام يلدريم، كان متورطاً بشكل مباشر في الاتجار بالمخدرات من خلال أسطول تجاري مبحر من فنزويلا باتجاه ميناء مرسين التركي الواقع على ضفة البحر الأبيض المتوسط. وكشف بيكر تواريخ عن سفر يلدريم إلى فنزويلا. أكد الأخير سفره إلى تلك البلاد لكنه قال إن ذلك تم لغايات خيرية. وزعم بيكر أن امرأة ادعت بكونها تعرضت للاغتصاب من نجل وزير الداخلية السابق محمد آجار عُثر عليها ميتة في وقت لاحق، وأن وزير الداخلية الحالي سليمان صويلو نبه مجرماً من عملية اعتقال وشيكة بحقه، الأمر الذي سمح له بالهرب. كذلك، كشف بيكر أنه أمر ذات يوم عصابته باقتحام مقر أكبر صحيفة في تركيا، حرييت، بناء على طلب من الحكومة، كما كشف عن ضرب عصابته لعضو معارض في البرلمان التركي بطلب حكومي أيضاً.
عمليات قذرة وتحدّ
تحدث الزعيم المافيوي عن أن أعضاء من عصابته عذبوا نائباً في مركز للشرطة بعدما أهان أردوغان. وكشف بيكر أن مجموعته حولت الأموال إلى عصابات في ألمانيا للاعتداء على أتراك معارضين. إضافة إلى ذلك، عرض بيكر أسماء رجال أعمال ومسؤولين في الشرطة وقضاة وبيروقراطيين ومستثمرين وصحافيين يدعي أنهم تورطوا في تلك العمليات القذرة.
تابع بكديل أنه عبر فيديو نشره في 23 مايو الماضي، قال بيكر إنه أوكل شقيقه أتيلا بيكر مهمة قتل الصحافي القبرصي التركي الليبيرالي كوتلو أدالي سنة 1996 بناء على طلب آجار. يقول بيكر إن شقيقه لم يكن قادراً على تنفيذ الجريمة، على الرغم من أن أدالي تعرض للاغتيال بإطلاق نار في يوليو (تموز) 1996. ولم تُكشف ملابسات تصفية أدالي. يتحدى بيكر حكومة أردوغان بأنه سيهزمها بفيديوهاته علماً أنه تفادى تحدي الرئيس التركي بشكل مباشر.
هل يصدقه الأتراك؟
بحسب بكديل، نشر المركز التركي لأبحاث العمليات الاجتماعية استطلاع رأي في 26 مايو وجد أن 52.6% من الأتراك يعتقدون أن ما يكشف عنه بيكر صحيح، بينما قال 22.5% فقط إنهم يعتقدون أن بيكر يشوه صورة السياسيين من أجل مصالحه الشخصية. وأضاف الكاتب أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، وصل أردوغان إلى السلطة لسبب أساسي وهو تعهده بالتخلص من "الدولة العميقة" التي عرقلت الحكومات منذ التسعينات. بعد حوالي عقدين على ذلك، يرى الأتراك أن "الدولة العميقة" توسعت أضعافاً مضاعفة في ظل حكومة أردوغان الإسلاموية.