رجحت مجلة "إيكونوميست" أن يرسل النظام الإيراني قريباً الجيش لسحق الانتفاضة بعدما فشل في استعادة السيطرة على الحشود دون إراقة الكثير من الدماء.
لكن المتظاهرين يقولون إن على النظام الرحيل، بمتشدديه أو إصلاحييه.
وتقول "إيكونوميست"، إن مساحات شاسعة من البلاد تبدو مثل منطقة حرب. تتوغل طوابير من العربات المدرعة للحرس الثوري في مدن مثل مهاباد، وجوانرود في الشمال الغربي الكردي في إيران، وتطلق نيران الرشاشات على المتظاهرين بينما تحلّق المروحيات فوقهم. وتبث طائرات دون طيار أناشيد عسكرية.
قمع ومقاومة
أضافت المجلة أنّ حصيلة القتلى ترتفع بقوة على امتداد البلاد. وتقدر المنظمة الإيرانية لحقوق الإنسان في النرويج أن الحصيلة التي بلغت 342 قتيلاً خلال أول شهرين من الانتفاضة، قفزت إلى ما لا يقل عن 416، خلال الأسبوع الماضي. وتقول إن الرقم الحقيقي يمكن أن يكون أعلى بكثير بسبب قطع الإنترنت الذي عرقل تدفق المعلومات.
يقول كردي مردداً صدى التشدد المتصاعد: "لا يمكنك أن تطلب من ديكتاتور وحشي، حقوقك بشكل سلمي". وبدأت كتيبات عن قتال الشوارع في الانتشار. ثمة تقارير متزايدة عن تعرض قوات أمن للطعن أو لإطلاق نار.
ويقول داعمو حزب الحياة الحرة الكردستاني في العراق إنهم يهربون أسلحة ومعدات واقية عبر الجبال نحو إيران. وقتل نحو 60 شرطياً وجندياً إيرانياً وفق الإعلام الرسمي الإيراني ومراقبين أجانب.
تصدير المشاكل
بينما تنتشر الفوضى في الداخل، يرد حكام إيران ويحاولون إثارة المشاكل في الخارج. يطلق الحرس الثوري بشكل منتظم صواريخ وطائرات دون طيار على معسكرات مسلحين منفيين إيرانيين في شمال العراق الكردي، وهدد قادته باجتياح بري.
يمكن أن تكون تلك إشارة منهم إلى حكومات أخرى في المنطقة أنه حتى إذا ترنح النظام فإنه سيظل قادراً على مهاجمة أعدائه في الشرق الأوسط.
يقول زوار كردستان إن قادتها يخشون أن يكون حلفاؤهم الغربيون منشغلين جداً بالأزمة الاقتصادية والحرب في أوكرانيا، لنجدتهم.
النظام ناقلة نفط إسرائيلية بالقرب من مضيق هرمز. وشحن مكونات صاروخية إلى حلفائه الحوثيين في اليمن الذين سبق أن هاجموا عاصمتي السعودية والإمارات.
ونشر الحرس الثوري مقطع فيديو يظهر كيف أن طائراته دون طيار، قد تهاجم المنشآت النفطية السعودية.
رسائل استرضاء
في الوقت نفسه، يوجه الإيرانيون رسائل إلى الأجانب عن منافع إبقاء النظام إلى جانبهم. إن الميليشيات التي لطالما رعتها طهران في العراق اعتادت إطلاق النار على "المحتلين" الأمريكيين. لكن بما أنها متخفية الآن خلف حكومة بغداد، تتودد الميليشيات إليهم.
ويقال إن رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد السوداني عقد اجتماعات مثمرة عدة مع السفير الأمريكي. أما وكيل إيران في لبنان حزب الله فهو منخرط ضمنياً أيضاً مع أمريكا التي توسطت أخيراً بين لبنان وإسرائيل حول حدودهما البحرية.
يقول مسؤول عراقي بارز سابق إن "إيران تخبر الأمريكيين، لا تفوتوا الفرصة... للتوصل إلى اتفاقات لم يكن بإمكانكم أن تحلموا بها قط". ويعتقد عدد من زملائه أن إيران تأمل أن يؤدي تدهور العلاقات بين أمريكا والسعودية الأمير إلى انفتاح الولايات المتحدة أكثرعلى التعامل مع إيران.
رحيل النظام... بجناحيه
سعى بعض المتشددين في إيران، ومن بينهم كبير مسؤولي الأمن القومي علي شمخاني لإعادة بعض الإصلاحيين إلى الحكومة. ونقل الإعلام الرسمي كلام محمد خاتمي، الرئيس الأكثر اعتدالاً بين الرؤساء السابقين، بعد رقابة عليه منذ نحو عقد.
اقترح بعض الإصلاحيين استفتاءً حول نوع الحكومة في المستقبل. ويقترح آخرون انتخابات مبكرة. ويعتقد عدد من المحللين أن الحرس الثوري سيعفي المواطنين من بعض المتطلبات الإسلامية مثل إلزام النساء بالحجاب مقابل للبقاء في السلطة. لكن المتظاهرين يقولون إن على النظام الرحيل، بمتشدديه أو إصلاحييه.
خامنئي
من غير المرجح أن تعيد الحكومات الغربية التعامل مع إيران بينما تشتد الاضطرابات داخلها، وفق توقعات "إيكونوميست"، فالاختلافات التقنية بين أمريكا والأوروبيين اختفت. لقد تعب الطرفان من مماطلة إيران، وهما غاضبان من نقلها طائرات دون طيار إلى روسيا لتستخدمها في أوكرانيا.
ويتساءل البعض إذا كانت إيران قادرة على تنفيذ تهديداتها بنشر الفوضى في الخارج، فمنذ اغتيال قاسم سليماني في 2020، ركز العديد من أتباع طهران على شؤونهم الخاصة عوض التصرف مثل مخلب قط لآيات الله. ويقول محلل إيراني عن المرشد الأعلى "حتى لو تعافى النظام، لم يعد خامنئي الركيزة" فيه.
تحريض فاشل
حزب الله أيضاً قد يكون مقيداً باتفاق لبنان مع إسرائيل. وكانت حماس، ربيب آخر لإيران والفصيل الفلسطيني الذي يدير قطاع غزة، هادئة نسبياً.
ويعاني الحرس الثوري للحفاظ على موقعه في سوريا حيث يتعرض غالباً للقصف من إسرائيل. والآن بعدما هدأ القتال، تفضل سوريا بشكل متصاعد دول الخليج العربي التي تتمتع بقدرات مادية أقوى.
تعاني إيران أيضاً لتحريض الشيعة في دول الخليج مثل البحرين. ويقول سياسي بحريني شيعي إن "الشيعة لم يعودوا يهتفون الموت لأمريكا وإسرائيل في صلوات الجمعة".
باختصار، تختم "إيكونوميست"، يواجه آيات الله عدواً أكثر جرأة في الداخل. ويظهر أصدقاؤهم في المنطقة تردداً متزايداً لمساعدتهم. قد يصبح كفاح النظام الإيراني للنجاة شأناً فردياً.