في أعقاب الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت القوات المسلحة الإيرانية وبرنامجها النووي، أطلقت إيران طائرات مسيرة باتجاه إسرائيل كرد أولي سريع، إلا أن مراقبين يتوقعون أن يكون الرد الإيراني الكامل أوسع نطاقاً وأكثر تأثيراً، بما يمتد إلى مناطق متعددة من الشرق الأوسط، وقد يُخلّف تداعيات اقتصادية عالمية ملموسة.
وتعهدت القيادة الإيرانية وعلى رأسها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بـ"عقاب شديد" لإسرائيل، في وقت وضعت فيه تل أبيب قواتها في حالة تأهب قصوى وأعلنت حالة طوارئ خاصة، مطالبة المدنيين بالاستعداد لهجمات صاروخية وجوية محتملة.
وفي هذا السياق، تناول المراسل الصحفي أمير دفتري في تقرير لموقع مجلة "نيوزويك" الأمريكية أبرز سيناريوهات الرد الإيراني المحتمل، وفقاً لما تملكه طهران من أدوات استراتيجية.
1. الضربات الصاروخية والمسيرة
بدأ هذا الخيار فعلياً، إذ تملك إيران ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية وأسطولاً متنامياً من الطائرات المسيرة، مما يجعل هذا المسار أحد أعمدة استراتيجيتها للردع.
وأظهرت تجربة أبريل (نيسان) 2024، حين أطلقت إيران أكثر من 300 صاروخ ومسيرة على الأراضي الإسرائيلية رداً على ضربات استهدفت مواقعها، قدرة طهران على الرد السريع والدقيق.
ورغم استهداف البنية الصاروخية الإيرانية في ضربات سابقة، إلا أن إيران أعادت بناء منظوماتها الدفاعية بشكل أقوى. وتشير تصريحات وزير دفاعها إلى جاهزية هذه الترسانة لضرب أهداف في عمق إسرائيل وأيضاً قواعد أمريكية في المنطقة، مما يرفع منسوب المخاطر. وفي ظل ابتعاد الولايات المتحدة عن الضربات الأخيرة، يبقى التساؤل مفتوحاً بشأن مدى تعرضها لاستهداف مباشر من طهران.
2. القوى الحليفة والوكيلة
تُمثّل شبكة حلفاء إيران الإقليميين – كالحوثيين في اليمن، والميليشيات العراقية، والفصائل الفلسطينية، وحزب الله في لبنان –أداة جاهزة لتنفيذ ضربات صاروخية، وعمليات تخريبية، وهجمات خفية.
ورغم تراجع قدرات حزب الله مؤخراً بفعل الضربات الإسرائيلية والعقوبات الاقتصادية، فإن استخبارات الولايات المتحدة وإسرائيل ترى أن الرد بالوكالة هو الأكثر ترجيحاً في المرحلة الأولى.
وأكد ممثل حوثي رفيع "لمجلة نيوزويك" استعداد جماعته لدعم إيران ضد إسرائيل، مما يعزز فرضية التصعيد متعدد الجبهات.
3. خنق إمدادات النفط العالمية
هددت إيران مراراً باستخدام ورقة مضيق هرمز، الذي تمر عبره قرابة 20% من إمدادات النفط العالمية.
وقد ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 10% مباشرة بعد الهجمات الإسرائيلية، ما يؤكد حساسية هذا المسار.
4. الحرب السيبرانية
تعتمد إيران بشكل متزايد على الهجمات الإلكترونية كوسيلة انتقام منخفضة التكلفة وذات أثر رمزي قوي. وقد استهدفت إحدى جماعات الحرس الثوري مؤخراً مؤسسات مالية وعسكرية أمريكية وإسرائيلية، مسببة أضراراً اقتصادية.
كما زعمت إيران مؤخراً أنها حصلت على آلاف الوثائق الحساسة من داخل إسرائيل، تتعلق ببرنامجها النووي، ما قد يشكل ورقة ضغط دبلوماسية وسيبرانية. وتشير التقارير إلى تصاعد وتيرة الهجمات الإيرانية على البنية التحتية الحيوية في إسرائيل، مثل منظومات المياه والطاقة.
5. التصعيد النووي
رغم تأكيد طهران رسمياً أنها لا تسعى إلى تصنيع أسلحة نووية، إلا أن مسؤوليها أشاروا إلى أن استمرار الضغط الدولي قد يدفع البلاد إلى تغيير مسارها.
وبعد صدور قرار توبيخي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعلنت إيران نيتها تسريع تخصيب اليورانيوم. كما ألمح مستشارو المرشد الأعلى إلى أن أي تهديد وجودي أو عودة للعقوبات قد يدفع إيران للتخلي عن القيود الطوعية والمضي نحو مستويات تخصيب تُقرّبها من إنتاج سلاح نووي، وهو ما سيشكل تحولاً خطيراً في مشهد الصراع الإقليمي.
تصعيد خطير
ورأى معد التقرير أن ترسانة إيران المتعددة – من الصواريخ والطائرات المسيرة، والحلفاء الإقليميين، وسلاح النفط، والسلاح السيبراني، والبرنامج النووي – تجعلها قادرة على تنفيذ ردود معقدة ومدروسة.
ووفق التقرير، فإن هذه الخيارات تُبقي منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره على حافة تصعيد خطير، يتطلب مراقبة حذرة واستعداداً دبلوماسياً وأمنياً فائقاً.