أثار قرار جامعة إقليم سبأ الحكومية في مأرب بافتتاح قسم لتدريس اللغة التركية موجة واسعة من الاستنكار في الأوساط الأكاديمية والثقافية، حيث اعتبره باحثون وأكاديميون "خطوة أيديولوجية صادمة" تكشف عن توجه متصاعد نحو التفريغ من الهوية الوطنية واستدعاء ثقافات خارجية لا صلة لها بالحاجة التعليمية أو المجتمعية اليمنية.
ووصف باحثون القرار بأنه يُعيد إنتاج النموذج الحوثي في صنعاء، حيث عمدت العصابة إلى فرض اللغة الفارسية في بعض الجامعات والمعاهد، في حين يمضي حزب الإصلاح المسيطر على محافظة مأرب نحو خيار مماثل، عبر تمكين اللغة والثقافة التركية تحت مظلة أكاديمية.
ورأى مراقبون أن ما يجري يمثل تطابقًا غير معلن في الأجندات الثقافية بين عصابة الحوثي وحزب الإصلاح، إذ يسعى الطرفان—رغم خلافهما السياسي—إلى تغيير البنية الثقافية للمجتمع اليمني لصالح هويات قومية أجنبية (الفارسية والتركية) مرتبطة بمشاريع توسعية إقليمية.
وأشار أكاديميون إلى أن جامعة إقليم سبأ، الواقعة في محافظة مأرب تُعد من أغنى مناطق اليمن إرثًا حضاريًا وتاريخيًا، كان من الأولى أن تبادر إلى افتتاح أقسام للدراسات التاريخية واللغات اليمنية القديمة، مثل اللغة المسندية والمهرية والسقطرية، لا أن تُستخدم في سياق سياسي وأيديولوجي مستورد.
كما تساءل عدد من الباحثين عن الإطار القانوني والدبلوماسي الذي أُنشئ من خلاله القسم الجديد، متسائلين عما إذا كان افتتاحه جاء ضمن اتفاق ثقافي رسمي مع الحكومة التركية، أم أنه تم خارج الأطر المؤسسية، في مخالفة واضحة للبروتوكولات المتبعة بين الدول في الشؤون التعليمية والثقافية.
ودعا الأكاديميون إلى إيقاف العمل فورًا بهذا القسم، ومراجعة السياسات التعليمية التي تسمح بتمرير مثل هذه التوجهات، مؤكدين أن استمرار هذا النهج سيفتح الباب أمام مزيد من الاستقطاب الأيديولوجي داخل الجامعات اليمنية، ويهدد ما تبقى من مقومات الهوية الوطنية الجامعة.