في ظل أزمة خانقة تتسع رقعتها يومًا بعد آخر، تئن حضرموت تحت وطأة انهيار الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها خدمة الكهرباء التي أصبحت عنوانًا دائمًا لمعاناة المواطن ولم يجد لها حلا لليوم ، ومع اشتداد هذه المعاناة، يتجدد السؤال: لماذا تتفاقم الأوضاع رغم الجهود والمبادرات المجتمعية الصادقة؟ وأين تتلاشى الحلول وتُجهض الوعود؟!.
منذ عام من اليوم أعلن حلف قبائل حضرموت وقف العبث بثروات حضرموت دون المساس بمخصصات الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء وفق آلية شفافة ومعلنة ، ومنذ أشهر وتحديدًا منذ شهر رمضان الماضي، عمل حلف قبائل حضرموت بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش العليي، على ضمان توفير كميات كافية ومنتظمة من المازوت تضاف لكميات الديزل السابقة لمحطات الكهرباء، في موقف وطني يعكس إحساسًا عاليًا بالمسؤولية تجاه معاناة الناس وضمان استقرار خدمات الكهرباء ولو في الحد المقبول ، وقد جاء ذلك بتفاهمات أن هذه الكميات كافية لتحسين الخدمة بشكل ملموس ، ورغم هذا الجهد المستمر، إلا أن الواقع جاء صادمًا، حيث تزايدت ساعات الانقطاع بصورة مقلقة، وازدادت معها معاناة المواطنين، ما يشير إلى أن الخلل لم يكن في إمدادات الوقود، بل في منظومة الإدارة والتوزيع والرقابة، وهذا ما طرحه ولا يزال يطرحه الحلف ومعه مؤتمر حضرموت الجامع منذ عام بأن المشكلة ليس في الكميات التي يتم ضخها من المازوت والديزل ،وإنما في من يتحكم بمفاصل الخدمة، وليس في من يسعى لدعمها والحفاظ عليها من عبث العابثين .
وما يدعو للأسف أن هذه الجهود البنّاءة تُقابل بحملات تشويه وافتراءات ممنهجة، تستهدف الحلف وقياداته، وتحديدًا الشيخ عمرو بن حبريش، من أطراف ترى في استقرار حضرموت خطرًا على مصالحها، جهات تسعى لتشويه الحقائق وقلب الأدوار، هروبًا من محاسبة حقيقية لفساد مستشرٍ ونزيف مستمر للمال العام.
حضرموت تنتفض وحق لها أن تنتفض ، فقد بلغ السيل الزبى ،والمواطن لم يعد لديه قدرة لضبط النفس ، فقد تكالبت عليه المآسي من كل حدب وصوب ،فليس قطاع الكهرباء وحده من يعاني من التدهور المخيف، بل تمتد الأزمة إلى الخدمات الصحية ، والتعليمية ، والمياه ، في مشهد يعكس فشلًا إداريًا عميقًا، وتجاهلًا مريبًا لحضرموت التي ارتكز ويرتكز عليها اقتصاد البلد برفد خزينة الدولة بأكثر من 70% ، وهي عنوان الاستقرار .
إن ما تشهده حضرموت اليوم من احتقان وتصعيد ترجع أسبابه لعدم وضع آليات تنفيذية حقيقية لمعالجة أوضاع حضرموت وفقا وقرارات مجلس القيادة الرئاسي بشأن مطالبها واستحقاقاتها التي اقرها في مطلع يناير 2025م ، وأصبح المواطن الحضرمي يدفع ثمن هذا الانسداد والمماطلة، ويعيش مرارة الحرمان، وهو يرى ثرواته تُهدر وخدماته تنهار، في ظل صمت رسمي غير مبرر، ومع ذلك فإن الحلف ومعه الجامع ومن منطلق مسؤوليته المجتمعية، لم يتراجع عن دوره، بل استمر في تقديم الدعم والمتابعة والتصعيد المسؤول، دفاعًا عن مصالح الناس ويقف إلى جانبهم بل وإشراكهم في الدفاع والحفاظ على حقوقهم وثرواتهم وسيادة أرضهم .
ومع تفاقم الوضع ولضمان معالجة حالة الاحتقان الشعبي والحفاظ على نموذجية حضرموت واحة للأمن والاستقرار ،فإن ذلك يتطلب سرعة إقرار الآليات التنفيذية لقرارات مجلس القيادة الخاصة بحضرموت، وعدم ترك زمام الأمور لأطراف تعبث بمصير الناس وفق أهوائها ، والعمل لفتح تحقيق مستقل وشفاف في ملف المشتقات النفطية، يوضح أين تذهب الكميات ولماذا لم تتحسن الخدمة ؟! ، من خلال تمكين القيادات المجتمعية من دورها الرقابي، دعمًا للشفافية والمساءلة وحمايةً للمال العام.
لقد صبر أبناء حضرموت طويلًا، ولكن للصبر حدود، فحضرموت اليوم ليست بحاجة إلى شعارات ، بل إلى أفعال وإرادة سياسية تُنهي هذا العبث، وتضع حدًا لتدهور الخدمات ، وأي تجاهل لهذه المطالب المشروعة، لن يُفسر إلا على أنه تواطؤ أو عجز ، وأما حضرموت فلن تكون ساحة للصراعات، ولا فريسة للنهب، فصوت أهلها سيظل عاليًا، مدعومًا بقياداتهم الأصيلة، وفي مقدمتهم الشيخ عمرو بن حبريش العليي ، الذي أثبت أنه يمثل صوت الضمير الحضرمي، وصخرة التوازن في زمن الانهيار.