في مشهد يذكر بماضٍ زلزالي عتيق، ضرب زلزال عظيم بلغت قوته 8.8 درجة على مقياس ريختر، منطقة كامتشاتكا شرق روسيا.
هذه الدرجة وضعت الزلزال ضمن قائمة أقوى عشرة زلازل مسجلة في تاريخ الأرض، لكن المفاجأة الأكبر ليست في شدة الزلزال الحالي وحدها، بل في أن المنطقة نفسها سبق أن شهدت زلزالًا أعنف في عام 1952 بلغت قوته 9 درجات، ما يجعلها من القلائل حول العالم التي سجلت اثنين من أعنف الزلازل في العصر الحديث.
وتقع كامتشاتكا فوق ما يُعرف بـ"منطقة الاندساس"، وهي نقطة التقاء بين صفيحتين تكتونيتين تتصادمان ببطء، ما يُراكم ضغطًا هائلًا تحت سطح الأرض يُطلق فجأة على شكل زلازل ضخمة.
هذا النمط الجيولوجي يجعل المنطقة مرشحة دائمًا لزلازل كبرى، وهو ما أكده الزلزال الجديد، الذي وقع صباح الثلاثاء بالتوقيت المحلي، مخلفًا هزات قوية شعر بها سكان مدينة بتروبافلوفسك كامتشاتسكي وغيرها من التجمعات القريبة.
ويُعد هذا الزلزال الأحدث في سلسلة زلزالية شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، من بينها هزتان قويتان (M7.1 وM7.4) ما يطرح تساؤلات جدية حول إمكانية وجود نمط زلزالي تصاعدي.
الزلزال الذي ضرب كامتشاتكا في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1952 بقوة 9 درجات، يُعد من بين أقوى الزلازل التي سجلتها البشرية.
وقد تسبب في تسونامي مدمّر وصل تأثيره إلى شواطئ هاواي، مخلفًا خسائر بشرية ومادية كبيرة، في ظل ضعف وسائل الرصد والاتصال آنذاك.
وبحسب الخبراء، فإن الزلزال الحالي يقع على الجبهة الزلزالية نفسها التي أطلقت زلزال 1952، وهو ما يعيد إلى الأذهان الدورة الزلزالية طويلة الأمد التي قد تمر بها بعض مناطق الاندساس النشطة.
رغم تطور علم الزلازل، لا يزال التنبؤ الدقيق بالزلازل العظمى أمرا بعيد المنال. ويرى علماء أن الزلازل المتوسطة السابقة قد تكون إشارات تحذيرية، لكن دون وجود نمط حتمي يمكن الاعتماد عليه في الإنذار المبكر.
ويتوقع العلماء أن تشهد المنطقة نشاطا زلزاليا متواصلا خلال الأيام والأسابيع المقبلة، من خلال عدد من الهزات الارتدادية، قد تتجاوز قوتها 7 درجات.
من المتوقع أن يصبح هذا الزلزال محورا لعشرات الأبحاث العلمية خلال الفترة المقبلة، كما حدث مع زلزال تشيلي (M8.8) عام 2010، حيث يتسابق العلماء لفهم آلية تطور الكسر الزلزالي، وتأثيره على البنية التحتية والبيئة الساحلية وحتى على البراكين المجاورة.
وبهذا الحدث، تثبت كامتشاتكا أنها ليست مجرد منطقة نائية في أقصى شرق روسيا، بل نقطة محورية لفهم أعمق قوى الأرض وأكثرها عنفًا.