لولا المعونات التي تدفقت علينا من خلف الحدود ومن وراء البحار ، والاغاثات الانسانية التي وصلتنا عبر المنظمان الدولية من حيث لا نعلم ، ولولا هبات المانحين وتبرعات الخيرين في هذه المعمورة من يهود" ونصارى وبوذيين ومجوس وهندوس وملحدين وكفار ومن مختلف الاجناس والالوان .
لو ما ملايين الدولارات التي امطرتها علينا البلدان الراقية والمجتمعات المتحضرة في هذا العالم لكانت النتيجة صادمة ومفجعة ، ولكانت حلت علينا مصائب لا نستطيع اليوم وبعد خمس سنوات من الحرب تخيلها ولا ندري كيف سيكون مصير ملايين من الناس المعدمين في هذه البلد المأزوم.
والمفارقة هنا اننا نتحدث عن عمل انساني قاموا به أقوام ياما دأبنا على وصفهم في اطروحاتنا بعديمي النخوة وميتي الضمير وكم تفننا بنعتهم في ادبياتنا بالمنحطين والدامسين والمتفسخين وطالما جردناهم في خطاباتنا من القيم الإنسانية والاخلاق ، لكن لا يعني بالمطلق أن هذا خطاء"قد ارتكبناه يجب مراجعته او صوابأ جانبناه علينا تعديله ، لا ابدآ ففيهم من الانحلال الاخلاقي ما يندى له الجبين ومن الرذائل ما يخدش الحياء ويجرح الضمير والوجب حماية مجمتمعاتنا من عدواها والحفاظ على أخلاقنا وقيمنا من التاثير الفكري المنحط الذي قد يغزو شعوبنا وتحصين شبابنا من خطورة تقليد تطليعاتهم أو تبني افكارهم المخلة بمعتقداتنا وثقافتنا .
لكن الذي يجب أن ندركه هو أن حماية ثقافتنا وديننا ومعتقداتنا من اختراقاتهم لا تتاتى من خلال رمي بالرذيلة عليهم كلها وننزه أنفسنا منها وقد سبقونا بأمور كثيرة ولا بادعاء امتلاك الفضيلة من دونهم وفينا من الفساد والافلاس الاخلاقي ما يشيب له الطفل ، فإذا كان لهم سلبيات فسلبياتنا أكبر وكما ندعي ان الايجابية فينا فهم ايضا فيهم ايجابية وايجابية كبيرة وعلينا الاعتراف والاقرار بذلك ومن الخطأ اغفال الجانب الإيجابي الذي يتمتعون به وهو ما جعلهم ينجحون ويتقدمون علينا وصاروا هم الاعلون في الارض ويدهم اصبحت اليد العليا في الواقع للاسف، وهذا ليس انحياز إليهم كما قد يفهم البعض ولا زعم مني اننا قد افترينا عليهم وقلنا عنهم ما ليس فيهم وليست بالضرورة ان نثبت في هذا المقام ما قيل عنهم من مساوئ ولا من شأننا تبرئتهم منها وهم لا يحتاجون منا ذلك وعندهم من الذكاء والإبداع والوسائل ما يمكنهم من إثبات تفوقهم واضهار افضليتهم .
لكن من باب الإنصاف وقول الحق أن هذه الحرب اضهرت لنا عنهم وجها جميالا ومشرقآ فاق تصوراتنا وثبتت لنا أن لديهم ضمائر حية وأخلاق انسانية عالية قد نفتقدها نحن وكم نحن بحاجة للاعتراف بها وتقليدها .
وهنا قد نتفق او نختلف أن هؤلاء الذين اتوا من وراء المحيطات لمساعدتنا على تجاوز محنتنا هذه واغاثتنا من حر اموالهم قد فعلوا ذلك ليس حبا فينا إنما رحمة وشفقة لحالنا واحتراما لقيمة الإنسان والحياة ولهذا استجابوا لناقوس خطر سمعوه وهم في اقاصي الأرض أن هناك بلاد عربية تقع في إحدى الزوايا البعيدة لقارة اسياء تاريخها ذكر انها كانت سعيدة في الايام الغابرة وقد أصبحت اليوم اتعس بقاع الارض واضحت تندب حظها العاثر بعد إن منيت بدولة فاشلة وحكام سفلة" وعديمي الضمير مارسوا الصوصية والاجرام ضد شعبهم وقادوا البلاد إلى حرب مدمرة ويسيرون بأهلها نحو اكبر كارثة انسانية قد يشهدها العالم في هذا العصر .
ولذلك توجب على هؤلاء الرحماء والخيرين في العالم ان يفزعوا اليها ويرسلوا اموالهم وما ملكت ايمانهم لتجنيب هذه البلد المتخلفة المسماة باليمن من فاجعة بشرية جراء هذه الحرب القذرة !!
.فرقهم جابت مدنا وتغلغلت في أعماق أعماق حاراتها وقطعت المسافات على طول وعرض هذه البلاد لتصل إلى أطراف القرى والارياف وهباتهم طالت المناطق النائية والبعيدة وطرقت خيراتهم عتبات البيوت وأبواب الاكواخ ، بصماتهم موجودة في كل مكان في المستشفى والشارع والطريق والمدرسة والجامعة ليس هناك من يعمل هذه الأيام في هذا البلد المؤزوم غيرهم ويفعلون ذلك بدافع إنساني ووازع ضمير يا سادة لم نعرف حتى من هم هؤلاء الذين ساعدونا وكلما عرفناه ان هذه المعونات اتت من الخارج ومن اناس لم يطلبوا منا مقابلها اجرأ ولا شكورا .
عمل نبيل ما يقومون به هؤلاء القوم ينبغي علينا ألاستشعار بقيمته وشكرهم عليه على الاقل من باب الإنصاف وقول كلمة الحق وليس بالانكار والجحود والافتراءات كما يفعل بعض .
مؤسف جدا أن يضهر من بيننا من يحرض ضد هذا العمل او يعمل على افشاله من خلال خلق الفوضى وافتعال المشاكل .
ومن الحقارة أن نرى جهات محلية تحاول استثماره لأغراض شخصية وقبلية وجهوية وسياسية .
ومن المخجل أن يقوم البعض بمحاولة توضيف المشاريع الممولة من المنظمات إعلاميا لتحقيق مكاسب ذاتية تافهة !!!
ومؤسف جدآ أن نقابل اسلوبهم الراقي وطريقتهم الذكية في تسويق واضهار صورتهم لنا بهذه الاساليب البليدة والتافهة التي رئينا كثير من مسؤولينا وكبار قومنا يتبعونها في التعاطي مع هذا العمل الذي لا شك إنه أكثر من رائع .!!!
وكما قال الشاعر أحمد شوقي
إذا أصيب القوم في اخلاقهم .* فاقم عليهم مأتما وعويلا
لا يجوز أبدآ وأبدآ أن نتعامل مع عمل انساني جاء من بعيد لاجلنا واجل اهلنا وناسنا بتفاهات بايخة وحركات صبيانية مفضوحة والأصل هو التعامل مع كلما هو راقي بسلوك نبيل واخلاق عالية .
فالانجازات لا تتحقق بالتفاهات والتسلق على أكتاف الآخرين بل بالعمل بضمير وباخلاق سامية هذا اذا أردنا تغير هذا الواقع المزري والارتقاء مع الكبار في هذا العالم الكبير .
مقالات أخرى