يشهد القطاع الصحي الحكومي في المحافظات الجنوبية اليمنية تدهوراً ملحوظاً منذ قيام الوحدة وإلى اليوم ، وبمقابل ذلك ظهرت العديد من المستشفيات الخاصة والمراكز الصحية التي معظمها لا تزال تفتقر الى جودة الخدمات الصحية ، ومع ظهور جائحة كورونا _ كوفيد 19_ انكشفت حقيقة الوضع الصحي الهش في القطاعين العام والخاص ، فلقد سارعت عدد من اشهر المستشفيات الخاصة في عدن إلى اغلاق ابوابها امام المرضى تخوفاً من الوباء ، وبعد اجراءات سريعة وعقابية قام بها المجلس الانتقالي ، تراجعت تلك المستشفيات ولربما وهي _ مكرهه _ إلى مزاولة المهنة من جديد وعلى وجه الخصوص في محافظة عدن ، وبعد أن فقدت مصداقية عملها الإنساني عند عامة الناس ، مما نتج عن ذلك استياء شعبي كبير نتيجة اغلاق المستشفيات ابوابها امام المرضى ، وعطفاً على ذلك استطاع الانتقالي أن يحقق من خلال تلك الاجراءات هدف الفوز صحياً ، فقد وجه المجلس تلك المستشفيات بسرعة مزاولة المهنة بشكل طارئ كواجب إنساني وأخلاقي نبيل ، مهدداً بفرض عقوبات رادعة لمن يخالف قراره ، وتمكن المجلس من نيل الشعبية في هذا الوضع الحساس والخطير صحياًوفي ظل غياب الحكومة ميدانياً ، وخصوصاً وعدن تشهد انتشار مختلف الامراض عقب هطول الأمطار ومانتج عنها.
وفي محافظة لحج التاريخ والحضارة وبالرغم من شحة الأمكانيات ومع ذلك فقد لوحظ أن المستشفى الحكومي الوحيد في عاصمتها _ الحوطة _ كان ولا يزال صامداً امام كافة التحديات ومن ابرزها جائحة كورونا ، واستمر في تقديم الخدمات لجميع المرضى وبحسب الامكانيات المتوفرة ، وكاد المستشفى أن يتحول إلى بؤرة لإنتشار الجائحة ومن داخله ، وبفضل من الله والخبرات المتراكمة استطاع الكادر الصحي في المستشفى وبجداره تدارك الخطورة واحتواء الوضع سريعاً ، والذي كان حدوثهو غير مقصود لعدم توفر الامكانيات ومنها اجهزة الفحص الحديثة التي تساعد على اكتشاف الوباء.
لقد كان لجهود محافظ المحافظة اللواء ركن احمد تركي ، والتي قام بها مبكراً لمواجهة الوباء دوراً ايجابياً وملموساً على الواقع مع ظهور أول حالة اشتباة بالاصابة بكورونا ، من خلال استحداث مبكراً داخل المحافظة المحجر الصحي في المستشفى ، وعندما ظهرت كورونا في لحج ، كانت المحافظة في نهاية الاستعدادات للمجابهة الوباء واستطاعت لحج استقبال أول حالة اشتباة بداخل المحجر واجراء اللازم ، ونتيجة لان الخبرة والمعرفة والقيادة الحكيمة تلعب دور في المعركة الميدانية ، فقد تمكن استطلاع القائد التركي في المعركة _ البيضاء _ من متابعة وتحديد اماكن مخالطة الوباء بدقة عالية ، وفقاً لرسم خطة طبية ذات استراتيجية عالية بمحاصرة الوباء ومن مختلف الاتجاهات الأربع للمحافظة ، كما أن لغرفة عمليات اللجنة الفرعية دوراً مشهوداً في سرعة التواصل والابلاغ الفوري لأحتواء الوباء ولا تزال شغال على مدار الساعة ، ولهذا اليوم يلعب كلاً من مستشفى إبن خلدون والمحجر وفريق الاستجابة الطارئة دوراً كبيراً للتصدي للوباء وبامكانيات شحيحة وكادر محلي مقارنة لمحافظة عدن ، حيث تعتبر الامكانيات الصحية محدودة جداً في لحج ، إِلٌا أن الارادة والأمانة في العمل الإنساني اقوى من كل التحديات ، بالرغم من حدوث تقصير في بعض الاحيان ، ولكنه سريعاً يتحول الى استثمار للنجاح في العمل ومواصلة الصمود والتحدي لقهر الوباء منذُ بدايته ، وبإشراف مباشر على مدار الساعة من قبل قائد مسيرة البناء والتنمية في المحافظة اللواء التركي ، وبمساندة قيادة المحليات والمؤسسات الأمنية في لحج ومدراء عموم المديريات ، والعمل على قدم وساق لتطبيق حزمة من الاجراءات الوقائة الاحترازية ، مع أن بعضها انصدام بواقع شهر رمصان ومع هذا فانه النية تسبق الاعمال ، والله خير حافظ لعباده الصالحين ، ونحن هنا لا ننكر أن الوضع الصحي في لحج يعتبر شبه متدهوراً ومن سابق ، كما يقع علينا في نفس الوقت الاقرار عندما نضع مقارنة الوضع الصحي بلحج مع عدن ، فأننا نشاهد الدعم الغير محدود لعدن ، ومع ذلك لايزال المواطن يلتمس وضعاً متدهوراً بقطاع الصحة في عدن ، ولهذا نقدر القول أن مشكلة لحج صحياً ليس في كوادرها الطبية ، وانما في تجاهل الحكومة والتحالف بتقديم الدعم الكافي للمحافظة وعلى وجه الخصوص بالقطاع الصحي ، حيث نشاهد جهود تبذل بلحج على مدار الساعة باخلاص وأمانة مع حدوث النجاح في العمل ، ولهذا نتسأل كيف لو توفرت للمحافظة مقومات العمل الصحية وبشكل متكامل ؟ .
أن معظم المواطنين في محافظة لحج هم ناس يعانو الفقر ومتواضعين ومؤمنين ايماناً كبيراً بالقضاء والقدر ، ولايزالوا على روح التماسك الاجتماعي ومحافظين على العادات والتقاليد ، ومع ظهور الأؤبئة الفتاكة فمعظم عامة الناس لا تستطيع امتلاك دفع تكاليف العلاج ، مما يتطلب تدخل عاجل من قبل المنظمات الدولية بسرعة توفير الأدوية والمستلزمات الصحية الاخرى وبشكل طارئ ، وخصوصاً مع وجود العديد من الاسر التي تعاني من مرض المكرفس ، وزاد عن ذلك الجائحة كورونا ، مما يتطلب وللامانة اليوم من منظمة الصحة العالمية ومركز الملك سلمان سرعة تقديم دعم صحي واسع للمحافظة اسوتاً بمحافظة عدن ، فمحافظة لحج تصارع الوباء في المحجر الطبي بكادر محي يحتاج الى تطعيم عاجل بكادر أجنبي من قبل اطباء بلا حدود ، اضف الى دعمها بسيارات اسعاف اخرى كونها تتكون من 15 مديرية واقل مديرية تحتاج الى سيارة اسعاف ، كما يتطلب رفد لحج بسيارات العيادات المتنقلة لكي يتمكن فريق الاستجابة من متابعة المصابين والمخالطين واجراء اللأزم ميدانياً .
أن معركة الحياة في لحج مع الوباء تحتاج الى تعاون الجميع وتفائل ايماني حقيقي مشبع بروح الأمل في حق العلاج والشفاء من الله ، وأن شاء الله يتجاوز أبناء المحافظة الخطر كاملاً وفي مقدمة الخطر وباء _ كورونا _ وان شاء الله بلطف ورحمة من الله تعالى ، كيف _ لا _ وعاصمة المحافظة المحروسة _ الحوطة _ منذ عهد العبدلي تعرف بانها محروسة بالله تعالى ، وأن شاء الله يرفع الله عن لحج وأهلها هذا الوباء باقل المخاسير البشرية، فقط نرى أنه يقع علينا في هذا الشهر الكريم مزيداً من التراحم فيما بينا البين ، لان الله ينظر إلى قلوب عبادة ، ورحمة الله واسعة واذا قال الله كُن فيكون ، والجميع على ايمان قوي ان الله سوف يرفع الوباء عن لحج وأهلها ، فقط يتطلب الامر ايمان صادق مع الله وكثرت الدعاء .
لهذا يقع على الحكومة والتحالف العربي تحقيق العدالة والانصاف مع جميع المحافظات المحررة ، وعلى وجه الخصوص محافظة لحج بسرعة تقديم دعم لقطاع الصحة سريعاً لمواجهة جائحة كورونا من أطباء وسيارات اسعاف وعربات متنقلة وأدوية ، فهذا الوباء قد عجزت امامه دول عظمى تمتلك امبراطورية صحية واسعة ذات جودة عالية في الخدمات الطبية.
حقيقة لابد الاقرار بها من خلال متابعة الوضع الصحي سيدرك جيداً أن محافظة لحج اليوم محافظة صامد وتقاوم بفخر بمعركة التحدي لقهر الوباء بالرغم من شحة الامكانيات الطبية المادية والبشرية ، وانما المحافظة تنتظر سرعة تعزيزها ودعماً ، من خلال لفتة كريمة من فخامة الرئيس والحكومة والأشقاء ومنظمة الصحة العالمية لمساندتها صحياً حتى تتمكن من تطهير أرضها وشعبها من الوباء كوفيد 19، وكما كانت لحج سباقة في عملية التطهير من المليشيات الحوثية.
وفي هذة المعركة البيضاء مع كورونا ، لابد الاقرار لربما قد تخسر لحج بعض من كادرها الطبي وعدد من الشخصيات القيادية المدنية والعسكرية والأمنية ، ولكنها لسوف تنتصر باذن الله تعالى بحكمة وايمان قائدها وأبناءها الشرفاء والأوفياء من خلال التوكل على الله ، وأن علامات النصر تظهر من بدايتها ، لهذا نكرر القول والنداء أن محافظة لحج تحتاج إلى مزيد من الدعم الصحي العاجل لمجابهة الوباء ، وضرورة وجود تعاون مجتمعي واعي بخطورة الوضع الصحي مع الجائحة وما ترتب عن ذلك من اجراءات احترازية ، حتى تكون لحج باذن الله أول محافظة محررة من وباء كوفيد19، واللهم ارفع الوباء والابتلاء والمحن عن وطني.
مقالات أخرى