لم يوجد منزل في محافظة عدن خلال شهر رمضان الا ودخله الحزن والألم والنواح والبكاء نتيجة فراق عزيز (اب- أم- ابن- بنت- خال- خالة- عم- عمة- جد- جدة) وحتى المنازل التي لم يدخلها الموت دخلها الحزن والألم بحكم القربى والعشرة والصداقة التي تجمعهم في الحي السكني والمنطقة.
توفى الكثير والكثير خلال الشهر الكريم نتيجة وباء مجهول الهوية ظهر فجأة بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة عدن قبل رمضان بأيام معدودة اختلطت بمياه المجاري وسببت مستنقعات من المياه الأسنة الجاذبة لمختلف أنواع البعوض.
حينها لم تتدخل حكومتنا الموقرة بسرعة ولم تعمل أي شيء واكتفت بموقف المتفرج من داخل فنادق الرياض وتركيا وقطر ومصر. وكان همها الأول كيفية الاستحواذ على الدعم المقدم من منظمة الصحة العالمية لمواجهة جائحة كورونا وإضافته إلى رصيدها في البنوك.
أما معظم مستشفيات العاصمة عدن الحكومية والخاصة وأطبائها الأجلاء وملائكة الرحمة فكان موقفهم العلن من حكومتنا الشر/عية.. ففي الوقت الذي كان مواطني المحافظة في أمس الحاجة لهم لم يجدونهم فقد اوصدت المستشفيات أبوابها في وجوههم وأكتفت تلك المستشفيات بوجود محصل رسوم الكشف والفحوصات المختبرية وطبيب عام واحد أو اثنين وطقم تمريضي من ثلاثة أفراد عجزوا عن تشخيص الحالات الواصلة اليهم وينصحون المرافقين للمريض- بكل بجاحة- بضرورة تمديده بالعناية المركزة وعرضه على طبيب باطني مع علمهم أن إدارات المستشفيات منعت استقبال أي حالة للتمديد تحت ذريعة وهمية اسمها كورونا واختبئ معظم الأطباء الأخصائيين بالأمراض الباطنية والقلب في غرف نومهم مثل النساء ولم يقوموا بواجبهم الإنساني في هذه الظروف التي مرت ولو أنهم قاموا بتقديم واجبهم المقدس تجاه المرضى في حينه لما كانت وصلت حصيلة الوفيات في عدن الى هذا المستوى مع إيماننا التام بقضاء الله وقدره ولا اعتراض على أمره.
الغالبية العظمى ممن ماتوا خلال شهر رمضان لم يصيبوا بوباء كورونا وهذه حقيقة لا يستطيع أن ينكرها أحد.. كلنا عشنا في بيت واحد من المرضى وودعناهم بالأحضان والقبلات الحارة ولم نصب بأي عدو منهم.. فأين هي كورونا.. بل هو الخوف والفزع الذي اصاب الأطباء العظام في بلادنا من جانب وعدم تحمل حكومتنا الشر/عية الموقرة مسؤوليتها مباشرة بعد أن شهدت المحافظة هطول تلك الأمطار وانفجار مجاري الصرف الصحي في كل حي وشارع.
وللأسف الشديد وبعد انقضاء ثلثي أيام الشهر الكريم وفي الثلث الأخير منه قدمت الحكومة الشيء اليسير وبجهود فاعلي الخير ومنظمات المجتمع المدني ومبادرات شبابية عملت على إقامة حملات نظافة واسعة قامت من خلالها بتنظيف الشوارع من القمامات والأتربة وفتحت سدادات المجاري وكانت نتيجتها في الأخير الحد من الوباء (المجهول) والتقليل من نسبة الوفيات التي كانت بسبب تنصل الحكومة عن القيام بواجبها وخوف الأطباء من وباء ليس له وجود في عدن.
مقالات أخرى