وليد ناصر الماس
فرص حلحلة أزمة الجنوب في ضوء صلف الحكومة اليمنية ومآزقها!!!...

لو تساءلنا عفويا عن ذاك الجنوبي الذي يتطلع بتفاؤل للوجود اليمني على أرضه؟.  فمن دون مواربة ستكون الإجابة سريعة وبديهية، بعدمية الرغبة بذلك الوجود العبثي، مع استثناء بسيط لحفنة من الأشخاص والمنتفعين من ذلك الواقع المقلوب.

الحديث عن الوحدة مع الشمال في الشارع الجنوبي، هو ذاته الحديث عن الظلم والقتل والنهب والإذلال، فعبرها وبها أي الوحدة يرتبط كابوس ثلاثي الأبعاد، فتك بالجنوبيين وأحال حياتهم إلى جحيم لا يطاق، بما يحمله من إفقار وتجهيل وإمراض لشعب لطالما تاق للحاق بركب الحضارة العصرية بمستجداته العلمية والتقنية، ليجد نفسه في لحظة من اللحظات قابعا في دياجير الظلام، وأتون الحياة البدائية بمنتهى تعبيراتها.

الحديث عن الاندفاع المجنون نحو الوحدة مع الطرف الشمالي علاوة عن تخلفه، يشرع في فتح أفسح الأبواب لأسئلة لا نهاية لها، أسئلة لا نرى أي ضرورة في طرحها في عجالتنا هذه، سيما في ضوء شحة المعلومات المتوافرة بهذا الصدد، والتي يشوب الغموض أكثرها.

على أية حال لم تكن وحدة الجنوب مع اليمن رمزا وحيدا للإعصار المدمر الذي عصف بالأرض الجنوبية حين حل عليها زائرا ثقيلا عبوسا، بل إن ناقوس القلق من تلك الوحدة قد قُرع على الشماليين أنفسهم على حين غرة، بعد إن أصبح ذلك التواجد لا يشم رائحة الترحيب في الداخل الجنوبي، ويستمر الغليان الثوري الجنوبي في زخمه وبأشكال ومستويات غير مسبوقة، ولم يكن لذلك العنفوان قدر إن يخطر في عقليات أكابر الجلادين المزهوة، التي تشكلت وفقا لقراءات خاطئة للمسرح السياسي بأبعاده المختلفة، فتهاج دوافع التغطرس والانفراد والاستحوذ على مقدرات الغير لدى أولئك، حتى تُبذل محاولات عنوانها القمع والترويع والإرهاب بحق شعب أعزل، لكبح إصراره وصموده، وإجباره على القبول بواقع يحمل ماركة يمنية خالصة، إلا إن مآل ذلك نحو الخسران على الدوام.

لا يختلف اثنان حول مسلمة فشل الوحدة اليمنية، التي ارتكزت على أرضية رخوة ومقومات هشة منذ البداية، الأمر الذي جعل من ذلك الواقع عاملا مهما في توجه الطرف الأقوى عند إبرامها نحو إقصاء شريكه الأخر وإزاحته تماما.
كثيرة هي تلك الطروحات التي تتناول معالجة تدعيات حرب اجتياح الجنوب التي شنها الطرف الشمالي في صيف عام 1994م، والتي لا تتعدى في حقيقتها الحلول الترقيعية غير الناجعة، لأكثر قضايا الجغرافية اليمنية حساسية.

في تقدير بسيط تتلخص محددات حل قضية الجنوب في أحدى الخيارين التاليين:
أولاهما العمل على تحديث تلك الشراكة بين الطرفين اليمنيين، وإعادة صياغة الوحدة بشكل يقبله الجانبين، وبما يساعد في وقف موجة العداء المتنامية، وتنقية الأجواء المشحونة بالتوتر.
ثانيهما: النزول عند الرغبة الشعبية لكلا الطرفين أو أحداهما، والاستماع لتلك المطالب المقدمة واحترامها، وبما يسهم في الحفاظ على أواصر الأخوة والجوار، ومنع المزيد من الاحتقان والاقتتال بين الأشقاء.

قطعا الواقع يقول بخلاف ذلك تماما، فهناك حالة من التناقض الحاد بين مايُطرح كحلول ناجعة بأقل التكاليف، وبين ما يجول في عقلية صقور القبيلة اليمنية، والتي لا ترى في الجنوب غير غنيمة تتشارك وعصابات محلية في ابتلاعها، دون الاكتراث بالتفكير الجدي لتداعيات ذلك النهج الممسوخ.
يظل التعويل اليوم شاخصا نحو الدول المعنية بالملف اليمني، للبحث عن حلول كافية ومرضية، خصوصا بعد إن وضعت البلاد برمتها جنوبا وشمالا تحت الفصل السابع، والذي جعلها بدون شك تحت الوصاية الدولية، ونعني هنا المملكة السعودية ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة، اللتين عُهد إليهما إدارة الملف اليمني إعدادا وإخراجا.

كما بالمناسبة لا يسعني إلا إن أدعوا جميع القوى والتيارات المحلية المختلفة على الساحة الجنوبية، لبذل المزيد من الجهود في سبيل تقريب وجهات النظر وردم هوة الخلاف، تماشيا مع المصلحة العليا للجنوب ككل حاضرا ومستقبلا، والتي تتبلور في إقامة دولته المدنية والعادلة، التي يتساوى فيها الجميع، وتتلاشى من خلالها الفوارق السياسية والاجتماعية.
نقولها وكلنا أمل وثقة بمستوى الحس الوطني البالغ، ودرجة الوعي التي أضحى الشارع الجنوبي ملما بها مدركا لها حريصا عليها 

والله على ما نقول شهيد.

مقالات أخرى

بعد أن اسقطهم الجنوب!!

نجيب صديق

بعد أن اسقطهم الجنوب!!

نجيب صديق

فتح طريق عقبة ثره يحتاج إلى وقت وحذر

ابو مرسال الدهمسي

عجز الكلام عن رثاء سامر!

عادل حمران