د. صابر الحالمي
التحـالفات الســياسية وآثارهــا علـى الشعـــوب

أعوام مرت، وسنوات انقضت، ومدن تفجرت، ومساجد هدمت، وكتب العلماء مُزقت، وأرواح جسدية قطعت وصلبت حتى أصبح ماء البحر ومياه الفرات ممزوجة  بالدماء، فمنذ التحالف الأمريكي على العراق قتل الآلاف من المفكرين والأدباء والعلماء في ذلك الغزو، فكانت حربا شرسة أبادت الأخضر واليابس ودمرت حضارات وثقافات وقتلت أفكارا وعلما وحياة، وأعدمت الزعماء والقادة.

تحالفات هدامة اغتالت شعبا بأكمله بل والأشد من ذلك ألما وحزنا وجرحا لا يندمل أن تلك التحالفات عبثت في تلكم الشعوب التي كان حلمها وآمالها استقرار الأمن والحياة بأمان والعيش بكرامة، ولا زالت بغداد إلى يومنا هذا وهي مجروحة وتبحث عن نفس الحياة بين ركام النهب والطمس والإفساد والحرمان.

وبعد فترات زمنية عملت تلك التحالفات بين الدول العظمى على إسقاط النظام الليبي وشكلت تلك التحالفات قوة لا يستهان بها، فضربت أعماق المدينة وشردت وانتهكت وسفكت الدماء واغتالت كل ثائر ومناضل حر وشكلت تلك التنظيمات الإرهابية وزرعت تلك الجماعات وأثارت الفوضى حتى استطاعت تلك التحالفات الغربية من استنزاف الثروات وسرقت الموارد والشعب يتصارع بين الطوائف والمعتقدات والانتماء الوطني فانهارت العاصمة طرابلس وسقطت ليبيا في أيادٍ داعشية ولا زال الصراع قائما حتى اللحظة.

وهنالك من سواحل البحر الأبيض المتوسط من على تلك الجبال الخضراء والمدن الجميلة اخترقت تنظيمات إرهابية الأجواء الشامية وتسللت تلك القوى بدعم غربي وتحالف عربي  وأرادت بأفعالها وتحالفاتها تدمير الحضارة الدمشقية ،ومع اشتداد المعارك في بعض المدن وهجوم أمريكي تركي وتحالف عربي ضرب عمق العروبة والحضارة والثقافة والعلم والجمال، وهنا ظهرت حقيقة بعض نوايا الدول  ومؤامراتهم وتحالفاتهم الخبيثة ودعمهم لتلك التنظيمات الإرهابية في التوغل والانتشار  في أراضي وأجواء المدن السورية، ولكن الجيش العربي السوري حامي عرين الشام وقائدها البطل الزعيم الأسد كان لهم بالمرصاد فأسقطت تلك المؤامرات بعد معارك وحروب ضارية وانتصرت سوريا العروبة سوريا الصمود والقوة والشموخ وهزم الأعداء عند أبواب دمشق وفي جبال حلب وعلى شواطئ حماة واللاذقية.

وبعد ذلك بدأت التحالفات السياسية الغربية والعربية مرحلة الربيع العربي وما حصل من إسقاط للأنظمة وتهيئة للثورات وأشعلت الشعوب حماسها وهي ضمن خطة غربية بأيادي عربية وعناصر داخلية اتخذت تلكم الشعارات لأغراض وأهداف ومصالح حزبية وطائفية فتانة وأصبح ذلك المواطن المسكين لا حول له ولا قوة يتجرع ويلات المصائب وفتن القوم ومؤامرات الأعداء حتى فقد وطنه وماله وأجزاءً من جسده إن لم نقل قتل بطريقة غدارة وجبانة.

ومن على ضفاف نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة والتي حصلت على نصيبها من الفوضى وإشعال نار الفتنة، وكان للجيش المصري كلمة الفصل وسيد الموقف بعد أن أرادت تحالفات بعض الدول إسقاط مصر العروبة بيد الإخوان المفلسين وتحالف تلك الجماعات مع قوى الشر وكان مصيرها ومآلها السقوط الفاضح والخروج من مستنقع الفوضى  والشغب إلى السيادة والأمن والأمان.

ومن هنا من أعلى قمم جبال ردفان وضالع الصمود ويافع العزة وعدن الحضارة بدأت أصوات الجنوبيين ترتفع مطالبة بالحرية والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية ذات السيادة بعد أن حكمت الدولة  تحت سيطرة نظام جائر ومتسلط وقمعي ومحتل نهب البلاد واستحوذ على كل موارد وممتلكات الجنوب، وبكل قوة وصلابة وشجاعة انطلقت المظاهرات والاعتصامات وسط زحف للقوات الشمالية المحتلة لإسكات تلكم الأصوات وإخماد هذه الثورة التي استطاع رجالها وأبطالها الجنوبيون أن يسطروا أروع النضالات والبطولات، فقتل أبرز المناهضين، واعتقل خيرة الرجال، وسجن الأبطال، وعذب الشباب الثائر، وقمع بعض الثائرين في ميادين الشرف والاعتصام، وبعد مرور سنوات عجاف وأيام عصيبة وحروب، تدخلت القوى الخارجية الفارسية مع الموالين لها من الحوثيين واقتحمت العاصمة صنعاء وسيطر التمرد الحوثي على أجزاء كبيرة من الشمال، وبعد أن توغل وأمسك مفاصل الدولة بدأ يبرز قوته وعضلاته على الجنوب، إلا أن الشعب الجنوبي استطاع التصدي للتمرد الحوثي والمد الفارسي الذي لا توجد له أي حضانة في الجنوب، وبين ليلة وضحاها  تحالفت دول الخليج وشكلت تحالفات جديدة مع رجال وأبطال الجنوب الذين كان شعارهم هو النصر  واستطاعوا دحر المحتل الحوثي وأعوانه وهزيمتهم وطردهم وهم أذلة صاغرين.

وبفضل الله ثم بفضل التحالف العربي وتضحية أبناء الجنوب الأحرار هزم التمرد الحوثي وهزم المشروع الفارسي في جنوب اليمن وانتصرت الإرادة والعزيمة الفولاذية لأبناء الجنوب، وشكل ذلك الانتصار مرحلة تاريخية عظيمة وفاصلة في انتصار السيادة العربية والجنوب العربي.

فهل تعي وتدرك تلك الشعوب مدى تأثير تلكم السياسات على مصالح المواطن ودمار الأوطان؟

ومن زاوية خليجية وأهداف أيدلوجية وسياسة غربية استطاعت الدوحة أن تعود إلى أحضان الخليج العربي بعد خلاف طويل وحظر جوي وبري وبحري وبعد سنوات من الحصار الشامل عادت الأمور إلى مجاريها وعادت الدوحة علاقاتها وقواعدها مع الرياض، ونأمل من هذه الخطوة العربية إيجاد حلول وسلام شامل في المنطقة العربية والخليج بعيدا عن التحالفات الشريرة والنوايا القبيحة والأفكار الهدامة التي جلبت الحروب والدمار للمنطقة والخراب والويل للشعوب.

مقالات أخرى

ماهي الأبعاد والمخاطر لسك الحوثيين عملة نقدية جديدة؟!

ماجد الداعري

بعد أن اسقطهم الجنوب!!

نجيب صديق

بعد أن اسقطهم الجنوب!!

نجيب صديق

فتح طريق عقبة ثره يحتاج إلى وقت وحذر

ابو مرسال الدهمسي