"الزراعة تسدّ الجوع والصناعة توفّر الاحتياجات لكن التعليم يزرع ويصنع وطنًا"... كلمات خلدها الراحل جلال عامر، وما زالت تطرق الأذهان كلما تعثّر الوطن في دروب الجهل والتهميش
وقفت أمام هذا المقطع المصوّر طويلاً كأنّ الزمن توقّف بي عند جملة واحدة: لكن التعليم يزرع ويصنع وطناً... تساءلت أي وطنٍ نصنعه اليوم؟ وأي تربة نزرعها لأجيال الغد؟
في وطني لم يعد التعليم أولوية بل تحوّل إلى عبء في نظر البعض المعلّمون يعيشون على الهامش بلا رواتب منتظمة بلا احترام بلا بيئة تعليمية تليق برسالة الأنبياء شهور تمر ورواتبهم تُجمد أو تتأخر وإن جاءت فهي لا تكفي قوت أسبوع فكيف يُنتظر منهم أن يشعلوا النور في عقول التلاميذ؟
إننا نخسر المعركة دون طلقة رصاص نخسرها لأننا سمحنا للجهل أن يتسلل وللأمل أن يُطفأ في أعين المعلّمين والطلاب على حدّ سواء جيل يُسلّح بالجهل لا يُبنى عليه وطن بل يُخشى منه على الوطن
وهنا نرفع الصوت، ونسأل:
أين أنتم يا أصحاب القرار؟
أين أنتم يا تجّار المال والسلطة؟
أين أنتم يا من تصنعون المهرجانات وتفاخرون بالبذخ بينما المعلّم لا يجد قيمة وجبة محترمة؟
هل بات التعليم ترفًا لا يستحق الدعم؟
هل أصبحنا في وطن لا يكترث بمستقبله؟
المعلم هو صانع الطبيب والمهندس والجندي والقاضي... هو البذرة التي إن ذبلت ذبل معها الوطن ولا نهضة تُبنى بلا تعليم ولا تعليم بلا معلم كريم ومحترم ومقدّر
في النهاية لا نملك سوى الكلمة نزرعها الآن عسى أن تُثمر وعيًا في ضمير أحدهم… قبل أن نصحو على وطنٍ بلا علم، وبلا معلم… وبلا مستقبل.