الشيخ عوض محمد بن الوزير العولقي ..عندما يتحول الشيخ إلى مشروع دولة
الامناء/خاص:

بقلم : عبد العزيز العولقي
 
في الزمن الذي تتكالب فيه الأزمات على اليمن ، وتتشابك فيه خيوط السياسة مع نار السلاح ، وتغرق فيه البلاد بين أطماع الخارج وصراعات الداخل ، ينهض من بين ركام الفوضى رجل لا يشبه غيره ، يحمل على كتفيه إرث التاريخ ، وعلى جبينه وعود المستقبل .. إنه الشيخ عوض محمد بن الوزير العولقي ، محافظ محافظة شبوة، وشيخ شمل قبائل العوالق ، وصوت التوازن والاعتدال حين يصمت ضجيج السياسة ، الذي حمل على عاتقه مسؤولية النهوض بالمحافظة في واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخها الحديث .

منذ أن تقلد زمام محافظة شبوة ، لم يكن مجرد مسؤول يعتلي كرسيًّا ، بل كان قائدًا بنكهة الأمل ، ومقاتلًا في ميدان البناء ، وعقلًا يُجيد قراءة اللحظة ، ورؤية ما بعدها . لقد جاء إلى المحافظة وهي تتأرجح على حافة الاضطراب ، تتنازعها فلول الإرهاب ، ومخططات تنظيم القاعدة ، وصراعات الأحزاب المتناحرة ، وتدخلات اللاعبين الدوليين والإقليميين ، فوقف شامخًا كالجبل الراسي ،  وقال كلمته متجاوزًا حواجز الإنتماءات الضيقة :
" شبوة ليست ساحة تصفية حسابات ، بل قلب اليمن ، ودرع الجنوب ، وشبوة لكل أبنائها وليست حكرا على أحد " .

  رجل المواقف الشجاعة والحلول الصامتة ، ولا يسأل عن الإنتماء بل عن الوفاء .

إن أكثر ما يميّز هذا القائد النادر ، أنه لا يطلب الأضواء ، لكنه يصنعها . واجه الإرهاب بلا تردد ، وحارب الفكر المتطرف بمزيج من القوة والحكمة . لم يكن الأمن عنده مجرد نقاط تفتيش ، بل بناء ثقة بين الدولة والمجتمع، وتعزيز الانتماء لا الخوف .

وفي خضمّ الاستقطاب الحزبي المرير الذي مزّق النسيج الوطني ، اختار طريق الوحدة ، وفتح أبواب شبوة لكل أبنائها ، لا يسألهم عن انتمائهم ، بل عن إخلاصهم لهذه الأرض الطيبة . نبذ العنصرية وكرّس مفهوم المساواة بين القبائل ، فصار جسراً يربط لا خندقاً يفرّق ، وصوتًا جامعًا يعلو فوق انكسارات السياسة .

  ميزان العدل والحكمة .. وصوت القبائل .

وما يميزه أيضا هو جمعه بين الدور الرسمي كقائد إداري ، والدور الاجتماعي كشيخ قبلي يُحظى بقبول واسع واحترام بالغ بين أبناء القبائل ليس في شبوة فحسب بل على مستوى قبائل اليمن شمالا وجنوبا .
ورغم مسؤولياته الرسمية ، لم ينسَ جذوره . بقي شيخًا حاضرًا في كل مجلس ، وصاحب كلمة مسموعة في حل النزاعات القبلية ، يحكم بالعدل ، ويصل ما انقطع بين القبائل ، ويُعيد للقبيلة اليمنية دورها الإيجابي في خدمة الأمن والمجتمع ، لا في تغذية النزاع .

  " من التنمية إلى الدبلوماسية .. حكمة تُنير الطريق "

ولم يقتصر دوره على الأمن والمصالحة ، بل انطلق نحو مشاريع تنموية ملموسة ، أبرزها جهود تطوير قطاع الكهرباء وتحسين البنية التحتية رغم التحديات الهائلة . وكان صوته حاضرًا بحكمة على الطاولة الإقليمية ، حيث حافظ على توازن العلاقة مع الدول الخليجية الشقيقة ، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية العظمى ودولة الإمارات العربية المتحدة ، فكان ممثلًا وطنيًا يُجيد لغة التعاون ، ويدرك أهمية التحالف ، دون أن يفرّط في السيادة أو المبادئ .

  حارس النزاهة .. ومواجهة الفساد والآفات الدخيلة .

ولأن المسؤولية لا تكتمل دون مواجهة الفساد ، كان المحافظ الشيخ عوض محمد بن الوزير العولقي من أوائل من فتحوا هذا الملف الشائك بكل شجاعة وشفافية ، فواجه التخريب الممنهج لمقدرات المحافظة ، والتجاوزات التي كانت تعبث بثرواتها وتستنزف إمكانياتها ، دون تهاون أو مجاملة .

كما أعلنها واضحة في وجه كل من يسعى إلى تفشي التهريب ، أو نشر الممنوعات التي بدأت تغزو بعض الأوساط وتستهدف تدمير وعي المجتمع الشبواني الأصيل . لقد أدرك المحافظ ، بوعي القائد ومسؤولية الأب ، أن المعركة اليوم لم تعد أمنية أو سياسية فقط ، بل معركة وجودية للحفاظ على هوية شبوة وقيمها الأصيلة، وسلوك أبنائها النقي ، وبيئتها المحافظة .

فكان موقفه صريحًا لا لبس فيه :
" لن نسمح بتدمير شبابنا ولا باختطاف أخلاق مجتمعنا تحت أي غطاء ، وسنواجه هذه الظواهر الدخيلة بالقانون وبالوعي وبالمسؤولية الجماعية " .

  كلمة الختام .. "رجل وقف في وجه العاصفة وترك في شبوة أثر القائد لا إسم المسؤول " .

ليس من السهل أن تكتب عن رجل تجاوز الألقاب ، وتقدّم على الصفوف ، وأثبت أن القيادة موقف لا منصب ، وعطاء لا مصلحة .
فالشيخ عوض محمد بن الوزير العولقي لم يكن مجرد محافظٍ لشبوة ، بل كان صوتًا للحق حين خفتت الأصوات ، ويدًا للبناء حين تهاوت الجدران ، وقلبًا نابضًا بالوحدة حين مزّقت الصراعات الجغرافيا والولاءات .

هو رجلٌ إن حضر أنصف ، وإن غاب ذُكر ، وإن قاد أوفى ، وإن وعد صدق .

ولأجل شبوة ، ولأجل اليمن ، أدار الدفّة وسط العواصف ، وكتب للتاريخ صفحة من ضوء ، تقول فيها شبوة حين تنحني الأزمات .. ويعلو اسم لا يغيب :

 مرّ من هنا رجلٌ لا يُنسى .

 "فليس كل من تولّى حَكم ، وليس كل من غاب نُسي .. وبعض القادة وطن يمشي على قدمين"

 فله منا كل الثناء ، ومن الأجيال القادمة كل الوفاء .

"ويبقى العظماء علامة فارقة في ذاكرة الأوطان" . 

متعلقات
محتجون يحاولون اقتحام مجمع الدوائر الحكومية بسيئون تنديدًا بتردي الأوضاع المعيشية
شبوة.. عقد اجتماع لمجلس الآباء بميفعة لمناقشة أوضاع المعلمين بالمدارس للعام القادم 2025/2026
الشيخ عوض محمد بن الوزير العولقي ..عندما يتحول الشيخ إلى مشروع دولة
قطاع الإرشاد يعقد لقاء تشاوري لمناقشة الرؤية الوطنية لترشيد الخطاب الديني ومواجهة الأفكار المتطرفة
الجمعية الوطنية بالانتقالي تحمّل مجلس القيادة الرئاسي مسؤولية تدهور الأوضاع في حضرموت