تقرير خاص : الفساد في قطاع النفط: وثائق رسمية وشهادات برلمانية تكشف المستور..
الأمناء نت / خاص :

صراع النفط باليمن .. دهاليز مظلمة وفساد بالمليارات

انهيار الحوكمة و"فساد ممنهج" في قطاع النفط.. والاتحاد المدني يدعو لتحقيق فوري في التجاوزات ومحاسبة المتسببين

امتناع شركات حكومية كبرى مثل "صافر" و"بترو مسيلة" عن تقديم أية بيانات فنية أو تقارير إنتاج أو موازنات تشغيلية

تقرير :شركة "بترو مسيلة" تحولت فعليًا إلى "كيان فوق الدولة"، لا يخضع لأي إشراف من وزارة النفط

التقرير كشف عقود شراء مشتقات نفطية وخاصة مادة الديزل، بأسعار باهظة أُبرمت دون مناقصات

ناشطون يصفون ما ورد بالتقرير بأكبر فضيحة فساد في تاريخ القطاع النفطي باليمن

 

الأمناء / خاص:

 

فشلت الحكومة الشرعية اليمنية فشلاً  ذريعا في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل وفاعل يستهدف ضبط الموارد العامة، ومنع تسربها وهدرها المستمر، وتفكيك منظومة الفساد قبل إعادة فتح ملف تصدير النفط الخام الذي توقف منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

 

وتلقي الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً باللوم على جماعة الحوثي في الأزمات الاقتصادية المتفجرة في اليمن، وفي انهيار العملة المحلية المتسارع والمقلق، بسبب استهدافها لموانئ تصدير النفط الخام في شبوة وحضرموت جنوب شرق البلاد.

 

وطالب الاتحاد المدني لمكافحة الفساد بفتح تحقيق عاجل وشامل في كافة التجاوزات والمخالفات الواردة في تقرير لجنة تقصّي الحقائق البرلمانية بشأن الفساد في قطاعات النفط والكهرباء والاتصالات، مؤكدًا أن ما ورد في التقرير يعكس “انهيارًا مريعًا لمنظومة الحوكمة” و”تورط جهات رسمية في صفقات مخالفة للدستور والقانون” .

 

وفي بيان رسمي صدر اليوم، وصف الاتحاد قطاع النفط بأنه “العصب الاقتصادي الأهم والبوابة الكبرى لتسرب الفساد بلا رقيب”، مشيرًا إلى ما كشفه التقرير البرلماني الصادر في 24 أغسطس 2023، من امتناع شركات نفطية كبرى مثل “صافر” و”بترو مسيلة” عن تقديم تقارير الإنتاج والبيانات الفنية والموازنات التشغيلية، إلى جانب توقيع عقود ديزل بأسعار مرتفعة بدون مناقصات، وبتواطؤ من جهات حكومية.

 

التقرير، الذي صدر بتاريخ 24 أغسطس 2023 عن لجنة برلمانية شُكلت بقرار هيئة رئاسة مجلس النواب رقم (4) في أبريل 2023، وضع النقاط على حروف ما وصفه ناشطون بـ"أكبر فضيحة فساد في تاريخ القطاع النفطي اليمني"، وأكد أن ما يحدث لا يرقى إلى الإهمال فقط، بل يصل إلى مستوى الفساد الممنهج والتستر المؤسسي.

 

 

 

أبرز ما كشفه التقرير تمثل في امتناع شركات حكومية كبرى مثل "صافر" و"بترو مسيلة" عن تقديم أية بيانات فنية أو تقارير إنتاج أو موازنات تشغيلية لعدة سنوات، في ظل غياب أي سلطة رقابية فاعلة. واعتبر التقرير أن شركة "بترو مسيلة" تحولت فعليًا إلى "كيان فوق الدولة"، لا يخضع لأي إشراف من وزارة النفط أو هيئة الاستكشافات.

 

 

 

ولم تكتفِ "بترو مسيلة" بعدم التعاون مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، بل تجاهلت حتى طلبات النائب العام. كما بيّن التقرير أن الشركة تعمل دون نظام أساسي أو لوائح تنظيمية واضحة، ولا تملك قرارًا وزاريًا رسميًا يؤسس لوجودها القانوني، على الرغم من الإعلان عن إنشائها منذ أكثر من 13 عامًا ، وكذا فوضى إدارية وتداخل في الصلاحيات بين وزارة النفط وهيئة الاستكشافات، إلى جانب غياب شبه تام للدور الرقابي الحكومي ، وامتناع وزارة النفط عن التعاون مع اللجنة البرلمانية وتهربها من تقديم ردود شفافة حول العقود والتكليفات.

 

 

ورصد التقرير أيضًا عقود شراء مشتقات نفطية، وخاصة مادة الديزل، بأسعار باهظة وصلت إلى 1255 دولارًا للطن، أُبرمت دون أي مناقصات، في مخالفة صريحة للقوانين، وبتواطؤ واضح من بعض الجهات الحكومية. كما أكد التقرير توقف العديد من القطاعات النفطية بالكامل منذ عام 2015، دون وجود خطط أو معالجات واضحة، في وقت تستمر فيه التساؤلات عن مصير العائدات النفطية.

 

 

 

اللجنة البرلمانية المؤلفة من تسعة نواب أبرزهم حسن علي البحر وعبد الخالق البركاني، أشارت إلى وجود تداخل كبير في الصلاحيات بين وزارة النفط والهيئة العامة للاستكشافات والإنتاج، مع تهرب الوزارة نفسها من التعاون مع اللجنة البرلمانية وتجاهلها للرد على الاستفسارات المتعلقة بالعقود والتكليفات.

 

 

 

وسلّط الاتحاد الضوء على مخالفات جسيمة في شركة “بترو مسيلة”، بينها عدم وجود قرار وزاري بتأسيسها، وغياب النظام الأساسي واللوائح التنظيمية، ورفضها التعاون مع الأجهزة الرقابية، مما يجعلها – بحسب البيان – بمثابة “شركة فوق الدولة”.

 

وكشف التقرير عن مخالفات خطيرة تتعلق بشركة "بترو مسيلة"، من بينها:

 

– الامتناع عن تسليم بيانات الإنتاج الفني، رغم الطلبات الرسمية من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والنائب العام.

– عدم وجود قرار وزاري رسمي بتأسيس الشركة في وزارة النفط، رغم الإعلان عن إنشائها في ديسمبر 2011.

– غياب البيانات الرسمية عن القطاعات التي تديرها الشركة (14، 51، 53).

– عدم صدور النظام الأساسي للشركة، وغياب اللوائح القانونية والتنظيمية والمالية المنظمة لعملها.

– عدم خضوع الشركة لأي إشراف حقيقي من قبل وزارة النفط أو هيئة الاستكشافات، مما جعلها بمثابة "شركة فوق الدولة".

 

وفي ضوء هذه النتائج الخطيرة، أعلن الاتحاد المدني لمكافحة الفساد ما يلي:

 

1. المطالبة بفتح تحقيق فوري وإحالة كل المتورطين للقضاء.

 

2. إلغاء العقود غير القانونية ومراجعة الاتفاقيات النفطية خارج الأطر الرسمية.

 

3. إلزام وزارة النفط وهيئة الاستكشافات بتقديم بيانات علنية حول الإنتاج والعائدات.

 

4. إقالة المسؤولين المتورطين في هذه التجاوزات.

 

5. التأكيد أن تنفيذ التقرير هو المعيار الحقيقي للنزاهة، وأي تقاعس يُعد تواطؤًا مع الفساد.

 

وانتقد الاتحاد استمرار مجلس النواب في تشكيل لجان جديدة دون تنفيذ التوصيات السابقة، مؤكدًا أن “النزاهة تبدأ من داخل المؤسسة التشريعية”، داعيًا أعضاء المجلس، وفي مقدمتهم رئيسه، إلى تقديم إقرارات الذمة المالية التزامًا بالدستور والقانون.

 

واختتم البيان بتأكيد أن “الثروة الوطنية ليست سرًا تجاريًا، بل حق للشعب”، مضيفًا: “إما الشفافية والمحاسبة، أو الانزلاق نحو مستنقع الدولة الفاشلة. مرحلة التغاضي قد انتهت”.

 

ويفتح هذا التقرير المثير جدلاً واسعًا حول مصير الثروات السيادية في اليمن، ويطرح تساؤلات جوهرية عن مستقبل الدولة، في ظل ما وصفه الاتحاد بـ"غياب الردع وسيادة ثقافة الإفلات من العقاب". وما لم يتم اتخاذ خطوات فعلية وسريعة، فإن التقرير، كما سابقيه، قد ينتهي في أدراج المؤسسات، ويُترك الشعب في العتمة أمام ثرواته المنهوبة.

متعلقات
منتدى الشراكة الوطنية الجنوبية: ندعم الإصلاحات الجريئة لرئيس الوزراء ونقف مع مسار الإنقاذ الاقتصادي
تقرير خاص : الفساد في قطاع النفط: وثائق رسمية وشهادات برلمانية تكشف المستور..
تقرير خاص لـ"الأمناء" : تمرّد قبلي أم ثورة شعبية؟ حضرموت تخرج عن صمتها في وجه الفشل والفساد ..
الحكومة تتهم الحوثيين بتمويل الإرهاب عبر صناعة التبغ
محتجون يحاولون اقتحام مجمع الدوائر الحكومية بسيئون تنديدًا بتردي الأوضاع المعيشية