تعدّ الصحة من أهم مقومات الحياة الكريمة لأي مواطن، فهي الأساس الذي تقوم عليه قدرة الفرد على الإنتاج والمشاركة الفاعلة في المجتمع. غير أن الواقع الصحي في بلادنا يواجه تحديات متراكمة جعلت الحصول على الرعاية الطبية الملائمة أمراً صعباً، في ظل تردي البنية التحتية وضعف الإمكانيات، إضافة إلى ضغوط النزوح والأزمات المتلاحقة. وفي خضم هذا الواقع، يجد المواطن نفسه بين مطرقة الإهمال في المستشفيات الحكومية وسندان القوانين
بين الإهمال والاستغلال… صحة المواطن في مهب الريح
تشهد المستشفيات الحكومية في البلاد حالة إهمال واضحة انعكست في تردّي الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. إذ تعاني هذه المرافق من نقص حاد في جميع الخدمات الطبية، إلى جانب التدهور الكبير في البنية التحتية.
وقد أسهم النزوح من العديد من المحافظات التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي في زيادة الضغط على المستشفيات الحكومية، ما فاقم أزمة نقص الخدمات، وترك المواطن أمام خيار صعب: إما مواجهة الإهمال في المرافق العامة، أو التوجه إلى المستشفيات الخاصة.
إلا أن اللجوء إلى القطاع الخاص لم يكن حلاً مُنصفًا، إذ تقدّم هذه المستشفيات خدمات بأسعار “سياحية”، وكأن المريض جاء للترويح عن نفسه لا بحثًا عن مسكنٍ لآلامه. في هذا القطاع، يُستغل المريض بحثًا عن الربح، في ظل غياب الخدمات الحكومية الكافية، فتحوّلت مهنة الطب – في نظر الكثيرين – إلى تجارة لا تختلف عن أي نشاط تجاري آخر، وتلاشى منها البُعد الإنساني الذي ارتبط تاريخيًا بلقب "ملائكة الرحمة".
وبات الطبيب في المستشفى الخاص أشبه بموظف في مركز تجاري، يقدم خدمة مقابل المال فقط، بعيدًا عن أي التزام إنساني تجاه المريض.
إن واجب وزارة الصحة لا يقتصر على إدارة المرافق الصحية الحكومية، بل يشمل أيضًا وضع التشريعات واللوائح والمعايير التي تنظّم تقديم خدمات الرعاية الصحية، وضمان جودتها ونوعيتها، ومراقبة أدائها في القطاعين العام والخاص على حد سواء.